الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وأربعمائة

فمن الحوادث فيها :

أنه كان حاج العراق تأخر عن الحج سنة عشر وسنة إحدى عشرة ، فلما جاءت سنة اثنتي عشرة قصد جماعة من الناس يمين الدولة أبا القاسم محمود [بن سبكتكين ] وقالوا له : أنت سلطان الإسلام وأعظم ملوك الأرض ، وفي كل سنة تفتتح من بلاد الكفر قطعة والثواب في فتح طريق الحج أعظم ، والتشاغل به أوجب ، وقد كان بدر بن حسنويه ، وما في أصحابك إلا من هو أكبر شأنا منه ، يسير الحاج بماله وتدبيره عشرين سنة ، فانظر لله تعالى ، واجعل لهذا الأمر حظا من اهتمامك ، فتقدم إلى أبي محمد الناصحي قاضي القضاة في مملكته بالتأهب للحج ، ونادى في سائر أعمال خراسان بالتأهب للمسير ، وأطلق للعرب في البادية ثلاثين ألف دينار ، وسلمها إلى الناصحي سوى ما أطلقه من الصدقات ، فحج بهم الناصح أبو الحسن الأقساسي ، فلما بلغوا فيد حاصرهم العرب ، فبذل لهم الناصحي خمسة آلاف دينار ، فلما لم يقنعوا وصمموا على أخذ الحاج ، وكان متقدمهم رجل يقال له جماز بن عدي بضم العين من بني نبهان وكان جبارا فركب فرسه وعليه درعه وبيده رمحه وجال جولة يرهب بها ، وكان في جماعة [ ص: 146 ] السمرقنديين غلام يعرف بابن عفان يوصف بجودة الرمي ، فرماه بنبلة ، فوصلت إلى قلبه فسقط ميتا وأفلت الحاج وساروا [فحجوا ] وعادوا سالمين .

وفي هذه السنة : قلد القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني الحسبة والمواريث ، وقرأ الوزير ابن حاجب النعمان عهده ، وركب بالسواد ، وخلع على أبي علي الحسن بن الحسين الرخجي خلع الوزارة ، ولقب مؤيد الملك ، وقبض قرواش بن المقلد على أبي القاسم المغربي الوزير وأطلقه ، وعلى أبي القاسم سليمان بن فهد فقتل سليمان نفسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية