ثم دخلت سنة سبع عشرة وأربعمائة
فمن الحوادث فيها :
[ورود الأصفهلارية إلى بغداد ]
إن الأصفهلارية وردوا إلى بغداد ، فراسلوا العيارين وكانوا قد كثروا بالانصراف عن البلد ، فلم يلتفتوا إلى هذه المراسلة وخرجوا إلى مضارب الأصفهلارية وصاحوا وشتموا ، ووقعت حرب طول النهار وأصبح الجند على غيظ وحنق ، فلبسوا السلاح وضربوا الدبادب كما يفعل في الحرب ، ودخلوا الكرخ ووقعت النار فاحترق من الدقاقين إلى النحاسين وبعض باب المساكين وسائر الأبواب التي كانوا يتحصنون بها ، ونهبت الكرخ في هذا اليوم وهو يوم الأحد لعشر بقين من المحرم ، وأخذ الشيء الكثير من القطيعة ودرب رياح ، وفيه كانت دار أبي يعلى ابن الموصلي رئيس العيارين ، وأخذ من درب أبي خلف الأموال خص بها من دار ابن زيرك البيع ، وقلعت الأبواب من درب عون وسائر أسواق الكرخ السالمة من الحريق ، وأصبح الناس في اليوم الثالث على خطة صعبة ، وكان ما انتهبه العوام من غير أهل الكرخ أكثر مما نهبه الأتراك ، ومضى المرتضى مستوحشا مما جرى إلى دار الخليفة فانحدر الأصفهلارية ، وسألوا التقدم إليه بالرجوع ، فخلع عليه ثم تقدم إليه بالعود ، ثم حفظت المحال وأشيعت المصادرات ، وقرر على الكرخ مائة ألف دينار . [ ص: 176 ]
وفي ربيع الآخر : شهد أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري عند قاضي القضاة ابن أبي الشوارب بعد أن استتابه عما ذكر عنه من الاعتزال .
وفي شهر رمضان : انقض كوكب عظيم الضوء كان له دوي كدوي الرعد .
وجاء في هذه السنة برد لم يعهد مثله منذ يوم الثلاثاء سلخ شوال وإلى يوم الثلاثاء لعشر بقين من ذي الحجة على الدوام ، وجمد الماء طول هذه المدة ثخينا حتى في حافات دجلة والأنهار الواسعة ، وأما السواقي ومجاري الماء فإنها كانت تجمد طولا وعرضا ، وقاسى الناس من هذا شدة ، وامتنع كثير منهم من التصرف والحركة ، وتأخرت الزيادة في دجلة والفرات ، وامتنع المطر فوقفت العمارة ، فلم يزرع في السواد إلا القليل .
[اعتقال جلال الدولة أبا سعد بن ماكولا وزيره ]
وفي هذه السنة : اعتقل جلال الدولة أبا سعد بن ماكولا وزيره ، واستوزر ابن عمه أبا علي بن ماكولا .
وتأخر الحاج الخراسانية في هذه السنة ، وبطل الحج من خراسان والعراق


