الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم ورد في يوم السبت لست بقين من الشهر كتاب الملك جلال الدولة إلى الخليفة يسأله فيه هذا الذي فعل ، فجمع الناس يوم الثلاثاء في بيت الموكب ، وقرئ عليهم ، وكان فيه:

"سلام على أمير المؤمنين ، أما بعد أطال الله بقاء سيدنا ومولانا الإمام القادر بالله أمير المؤمنين ، فإن كتابي صادر إلى الحضرة القاهرة القادرية المحفوفة بالبركات النبوية ، وما أستأمن فيه من أمور الرعايا وحفظ نظام العسكر مستمر بمبذول الإمكان والاجتهاد ، فما أزال أعمل فكرا في مصالح المسلمين ، وأدأب سعيا في حراسة [ ص: 207 ] شملهم وعلم سيدنا ومولانا الإمام القادر بالله أمير المؤمنين] محيط بأن الله تعالى جعل لكل شيء أمدا ، وسوى في نقل الخلق فلم يخل من حتمه نبيا ولا صفيا ، وقد سار سيدنا ومولانا الإمام القادر بالله أمير المؤمنين بأحسن السير حاميا للخواص والعوام من الغير والأشبه تسمية النظر في حاضر يومه لغده ، وإعداد ما سيظهر به من عدده حتى لا يسأله الله يوم المعاد عن حق أهمل ، وقد تعين وجوده ، وأن أولى ما اعتمده النظر لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن في ذمتها ، والنص على ما يعهد الله بسياستها حتى لا تكون مهملة في وقت وإن الحنبة العزيزة الجعفرية مستحقة لولاية العهد بعد الأمد الفسيح الذي نسأل الله أن يطيله ، وأرغب إلى الموقف القادري أن يشد أزر الخلافة بإمضاء العقد المتين لها وصلة اسمها بالاسم العزيز في إقامة الدعوة ، وإنشاء الكتب إلى البلاد بما رأى في ذلك ليكون سيدنا ومولانا أمير المؤمنين بعد الأمد الفسيح قد سلم الأمة إلى راع ، فإن رأت الحضرة الشريفة النبوية الإنعام بالإجابة إلى المرام أنعمت بذلك ، وأصدرت هذه الخدمة يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وأربعمائة" .

وأتبع هذا بكتاب عن الخليفة يذكر ما قلده الأمير أبا جعفر من ولاية عهده ، فقال فيه: وإن أمير المؤمنين لما تأمل ما وهبه الله تعالى من سلالته أبي جعفر عبد الله وجده شهابا لا يخبوء وخبر من مغيبات أحواله ما لم يزل يستوضحه فولاه عهده .

وفي يوم الاثنين لليلة خلت من رجب قلد أبو محمد بن النسوي النظر في المعونة ، ولقب الناصح ، واستحجب وخلع عليه ، واستدعى جماعة من العيارين ، فأقامهم أعوانا وأصحاب مصالح .

وفي رمضان: ورد الخبر من الموصل بتاريخ يوم الجمعة لخمس بقين من شعبان: أن فضلون الكردي غزا الخزم فقتل منهم وسبى وغنم من أموالهم غنما كثيرا ، [ ص: 208 ] وعاد إلى بلده يقرر أنه [قد] كسر شوكتهم ، وأمن غائلتهم فاتبعوه وكبسوه واستنقذوا الغنائم والسبي من يده ، قتلوا من الأكراد والمطوعة أكثر من عشرة آلاف ، واستباحوا أموالهم .

وكان ملك الروم قد قصد حلب في ثلاثمائة ألف وكان معه أموال على سبعين جمازة ، فأشرف على عسكره مائة فارس من العرب وألف راجل فظن [الروم] أنها كبسة ، فلبس ملكهم خفا أسود حتى يخفي أمره ، وأفلت وأخذوا من خاصته أربعمائة بغل محملة ثيابا ومالا ، وقتلوا مقتلة كثيرة من رجاله .

ولليلة بقيت من رمضان كان أول تشرين الأول وينقضي أيلول عن حر شديد زاد على حر تموز وحزيران زيادة كثيرة ، وعصفت في اليوم السابع منه ريح سموم تلاها رعد ومطر جود .

وكان في هذه السنة: موتان ببغداد وجرف عظيم في السواد .

وفي سادس شوال: جرت منازعة بين أحد الأتراك النازلين بباب البصرة وبعض الهاشميين ، فاجتمع الهاشميون إلى جامع المدينة ورفعوا المصاحف ، واستنفروا الناس ، فاجتمع لهم الفقهاء والعدد الكثير من الكرخ وغيرها ، وضجوا بالاستغفار من الأتراك وسبهم ، فركب جماعة من الأتراك ، فلما رأوهم قد رفعوا أوراق القرآن على القصب رفعوا بإزائهم قناة عليها صليب ، وترامى الفريقان بالنشاب والآجر وقتل من [الآجر] قوم ثم أصلحت الحال .

وفي ليالي هذه الأيام: كثرت العملات والكبسات بالجانب الشرقي من البرجمي ورجاله ، وقصدوا درب علية ودرب الربع ، ففتحوا فيها عدة خانيبارات ومخازن ، وأخذوا منها شيئا كثيرا ، وكبسوا عدة دور واستولوا على ما فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية