الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وحج الناس من الأمصار إلا من بغداد وخراسان ، وورد مع المصرية كسوة للكعبة ومال للصدقة وصلات لأمير مكة . [ ص: 230 ]

ووردت الأخبار بما كان من الوباء والموت في بلاد الهند وغزنة وكثير من أعمال خراسان وجرجان والري وأصبهان ونواحي الجبل والموصل ، وأن ذلك زاد على مجاري العادة ، وخرج من أصبهان في مدة قريبة أربعون ألف جنازة ، وكان ببغداد من ذلك طرف قوي ، ومات من الصبيان والرجال والنساء بالجدري ما زاد على حد الإحصاء ، حتى لم تخل دار من مصاب ، واستمر هذا الجدري في حزيران وتموز وآب وأيلول وتشرين الأول والثاني ، وكان في الصيف أكثر منه في الخريف ، وجاء كتاب من الموصل أنه مات بالجدري أربعة آلاف صبي .

وخرجت هذه السنة ومملكة جلال الدولة مشتملة على ما بين الحضرة وواسط والبطيحة وليس له من جميع ذلك إلا إقامة الخطبة والوزارة خالية عن ناظر فيها ، ورأى رجل من أصبهان في النوم أن شخصا صعد منارة مسجد أصبهان ، وكان أهل أصبهان إذ ذلك في خفض من العيش والراحة والأمن ، وقال بصوت جهوري رفيع إلى أن أسمع أهل أصبهان : "سكت نطق سكت نطق سكت نطق" ثلاث مرات فانتبه الرجل فزعا وحكى هذا المنام ، فما عرف تأويله ، فقال رجل: احذروا يا أهل أصبهان فإني قرأت في شعر أبي العتاهية:


سكت الدهر زمانا عنهم ثم أبكاهم دما حين نطق

فما مر على هذا الحديث إلا أيام قلائل حتى جاء مسعود بن محمود بن سبكتكين ، فنهب البلد ، وقتل عالما لا يحصى حتى قتل جماعة في الجوامع نسأل الله العافية .

التالي السابق


الخدمات العلمية