[ ص: 106 ] فصل ( هل الحدود كفارة مطلقا أم بشرط التوبة  ؟ ) 
ومن لم يندم على ما حد به لم يكن حده توبة . ذكره في الرعاية ، وذكره غير واحد منهم  ابن عقيل  قالوا هو مصر والحد عقوبة لا كفارة { ولهم في الآخرة عذاب عظيم     } 
واستدلوا بآية المحاربة . والأولى أن يقال يكون الحد مسقطا لإثم ذلك الذنب في الدنيا فهو كفارته كما جاء في الحديث عن النبي  صلى الله عليه وسلم { ومن لقيه مصرا غير تائب من الذنوب التي قد استوجب بها العقوبة فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ، ومن لقيه كافرا عذبه ولم يغفر له    } ونقل  محمد بن عوف الحمصي  عن  أحمد  نحو هذا إلا أنه قال { فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له إذا توفي على الإسلام والسنة    } ولم يذكروا من لقيه كافرا إلى آخره . 
وفي الصحيحين من حديث  عبادة بن الصامت  أنه  عليه السلام قال لأصحابه { تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب منكم شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارته ، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عز وجل عليه فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له    } قال فبايعناه على ذلك وسبق قريبا حديث  ابن عمر  في النجوى وقول الله عز وجل { سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم    } فهذا لمن شاء الله أن يغفر له من المؤمنين . 
 ولأحمد  عن  علي  رضي الله عنه مرفوعا { من أذنب ذنبا في الدنيا فعوقب به فالله تعالى أعدل من أن يثني عقوبته على عبده ، ومن أذنب ذنبا فستره الله عليه وعفا الله عنه فالله تعالى أكرم أن يعود في شيء عفا عنه    } ورواه  ابن ماجه   والدارقطني  والترمذي  وقال : غريب ولم  [ ص: 107 ] أجد عنهم " وعفا الله عنه " . 
وأما آية المحاربة فإنما فيها له عذاب في الآخرة لكن على ماذا ؟ فليس فيها ، ونحن نقول بها لكن على إصراره وعدم توبته لا على ذنب حد عليه لما سبق والله سبحانه أعلم قال  القاضي عياض    : قال أكثر العلماء الحدود كفارة استدلالا بهذا الحديث يعني حديث  عبادة  ومنهم من وقف لحديث  أبي هريرة  رضي الله عنه { أن النبي  صلى الله عليه وسلم قال : لا أدري الحدود كفارة .    } . كذا قال وحديث  أبي هريرة  إن صح فما سبق أصح منه وفي هذا زيادة علم فيتعين القول بها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					