وقد قال  أحمد    : التدليس عيب وقال : أكرهه قال : لا يعجبني وعلله بأنه يتزين للناس ، فظاهر هذا أنه لا يحرم وكذا اقتصر القاضي وأصحابه وأكثر العلماء على كراهته يؤيده قوله في رواية مهنا  وقيل : له كان  شعبة  يقول : التدليس كذب فقال لا قد  [ ص: 17 ] دلس قوم ونحن نروي عنهم . ولو كره التعريض مطلقا أو حرم ، أو كان كذبا لعلل به لاطراده وعموم فائدته ، بل علل بالتزين ، وغالب صور التعريض أو كثير منها في غير رواية الحديث لا تزين فيها ، ولا يتعلق به ذلك كالموضع الذي استعملها الشارع وغير ذلك ولهذا اقتصر  أبو الخطاب  وغيره على هذا التعليل . 
قال القاضي : ولأنه يفعل ذلك كراهة الوضع في الحديث لراويه ، ومن كره التواضع في الحديث فقد أساء وهذا معنى قول  أحمد  يتزين انتهى كلامه ، فتدبر هذا فإنه أمر يختص بالرواية ، لكن لا يعارض هذا نصه في الفرق بين اليمين وغيرها . 
قال الشيخ تقي الدين    : كل كراهته هنا للتحريم يخرج على قولين في المعاريض إذا لم يكن ظالما ولا مظلوما والأشبه التحريم فإنالتدليس في الرواية والحديث  أعظم منه في البيع كذا قال . قال القاضي وغيره : وذهب قوم من أصحاب الحديث إلى أنه لا يقبل خبره وهذا غلط لأنه ما كذب بل صدق إلا أنه أوهم ، ومن أوهم في خبره لم يرد خبره كمن قيل له حججت ؟ فقال : لا مرة ولا مرتين يوهم أنه حج أكثر وحقيقته أنه ما حج أصلا ، فلا يكون كذبا انتهى كلامه وهو موافق لما سبق .
وقال الشيخ تقي الدين    : ليس بصادق في الحقيقة العرفية فيقال : قد يمنع ذلك وعدم فهم بعض الناس ليس بحجة فقد يفطن للتعريض بعض الناس دون بعض ولهذا لا يعد في العرف كذبا ; لأنه صادق لغة والأصل بقاء ما كان ولأن الاعتبار باستعمال الشارع وحقيقته والله أعلم . 
				
						
						
