مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وأكره اللعب بالنرد للخبر .
قال الماوردي : اختلف أهل العلم في النرد ، فحرمها مالك ، وفسق اللاعب بها ، وأحلها الحسن البصري ، ولم يفسق اللاعب بها إذا حافظ على عبادته ومروءته .
ولا يختلف مذهب الشافعي أن النرد أغلظ في المنع من الشطرنج ، وصرح فيها بالكراهة ، واختلف أصحابه ، هل هي كراهة تحريم أم كراهة تنزيه ؟
فذهب بعضهم إلى أنها كراهة تنزيه وتغليظ ، ترد به الشهادة وإن لم تحرم .
وذهب أكثرهم ، وهو الصحيح إلى أنها كراهة تحريم توجب فسق اللاعب بها ورد شهادته .
وروى مالك بن أنس ، عن موسى بن ميسرة ، عن سعيد بن أبي هند ، عن أبي موسى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله " .
وروي عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لعب بالنردشير ، فكأنما يغمس يده في لحم الخنزير ودمه " .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يقلب كعابها أحد ينتظر ما يأتي به إلا عصى الله ورسوله " .
فصار فرق ما بين النرد والشطرنج في الحكم ، أن الشطرنج لا يحرم ، وفي كراهته وجهان والنرد مكروهة وفي تحريمها وجهان ، والشطرنج لا ترد به الشهادة إذا خلصت وترد بالنرد وإن خلص .
والفرق بينهما في المعنى : أن الشطرنج موضوعة لصحة الفكر وصواب التدبير ونظام السياسة ، فهي صادرة إن ظهر فيها عن حذقة .
والنرد موضوعة إلى ما يأتي به من كعابها وفصوصها ، فهو كالأزلام .
وقيل : إنها موضوعة على البروج الاثني عشر . والكواكب السبعة ، لأن بيوتها اثنا عشر كالبروج ويقطعها من جانبي الفص سبعة ، كالكواكب السبعة . فعدل بها عن حكم الشرع إلى تدبير الكواكب والبروج .
[ ص: 188 ] وهكذا اللعب بالأربعة عشر ، المفوضة إلى الكعاب ، وما ضاهاها ، في حكم النرد في التحريم .
وأما اللعب بالخاتم فهو حدسي لا ترد به الشهادة .


