الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الحالة الرابعة : وهو أن يكون الثوب في يد المشتريين ، فقد تكافئا في البينة واليد ، لأن لكل واحد منهما بينة داخل في نصفه ، وبينة خارج من نصفه ، فيحكم به بينهما نصفين وتكون الخصومة فيه بين المشتريين ، ولا خصومة في الحال بينهما ، وبين البائعين ، لأن لكل واحد منهما إحلاف صاحبه قولا واحدا ، لأنه لو صدقه عليه ، لزمه تسليم ما بيده وفي كيفية يمينه قولان من اختلاف قوليه في تعارض البينتين ، فإن قيل : باستعمالهما كانت يمين كل واحد منهما على النفي دون الإثبات ، فيحلف بأنه لا حق له فيما بيدي ، ولا يحلف إني مالك لما بيدي ، لأنه قد ملكه بالبينة ، فلا يمين مع البينة ، وإن قيل : إن تعارضهما موجب لإسقاطهما ، كانت يمين كل واحد منهما على الإثبات دون النفي ، فيحلف بالله لقد تملكه بالابتياع من فلان ، لأنه لم يملك بالبينة ، فصار مالكا بالثمن ، فإن حلفا كان الثوب بينهما ملكا ، وإن نكلا كان الثوب بينهما يدا ، فلا رجوع لواحد منهما بالدرك على مبايعه ، سواء حلفا أو نكلا ، لأن كل واحد منهما في ادعاء جميعه ملكا بالابتياع مصدق لمبايعه على ملكه .

                                                                                                                                            وإن حلف أحدهما ، ونكل الآخر ، حكم بالجميع للحالف دون الناكل ، ولزمه ثمن جميعه لمبايعه ، لاعترافهما باستحقاقه ، ولا رجوع للناكل بدركه على مبايعه بشيء من ثمنه ، لأنه مقر أنه بائع لملكه .

                                                                                                                                            فإن أحال المشتريان بالتحالف على البائعين ليكونا خصمين فيه ، كان جوازه على قولين ، من اختلاف قوليه في تعارض البينتين ، فإن قيل : بإسقاطهما ، تحالف عليه البائعان وكان كل واحد من المشتريين خصما لمبايعه فيه .

                                                                                                                                            [ ص: 358 ] وإن قيل باستعمالها لم يتحالف عليه البائعان ، لبت الحكم بينهما بالبينة ، ولا رجوع لواحد منهما بالدرك على مبايعه إن تداعياه ولهما الرجوع بدركه ، إن لم يتداعياه لأنهما في تداعيه مصدقان للبائعين ، وإن لم يتداعياه غير مصدقين ، وإن لم يجعل لهما الرجوع بالدرك ، فلا خيار لهما في فسخ البيع ، وإن جعل لهما الدرك كان لهما الخيار في فسخ البيع ، وكانا فيه بين ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يفسخا فيرجع كل واحد منهما بدرك جميعه .

                                                                                                                                            والثاني : أن يقيما فيرجع كل واحد منهما بدرك نصفه .

                                                                                                                                            والثالث : أن يفسخ أحدهما ، ويقيم الآخر ، فيرجع المقيم بدرك النصف فيرجع الفاسخ بدرك الجميع ، ولا تتوفر حصة الفاسخ على التراضي لأن حصة الفاسخ تعود إلى مبايعه ، ولا تعود إلى مبايع الراضي فصار فيه بخلاف البائع الواحد ، الذي لا يعود خصمه الفاسخ ، إلى مبايع الراضي ، فيتوفر من حصته على الراضي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية