الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت وجوب الغرم على الشهود إذا رجعوا في الطلاق ، فهو على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الطلاق ثلاثا .

                                                                                                                                            والثاني : دون الثلاث .

                                                                                                                                            فإن كان ما شهدوا به من الطلاق فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون بعد الدخول : فعليهم ضمان جميع المهر يقسط بينهم على أعدادهم ، فإن شهد به اثنان ، كان على كل واحد منهما نصفه ، وإن شهد به ثلاثة ، كان على كل واحد منهم ثلثه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن تكون شهادتهم بالطلاق قبل الدخول ، فقد اختلفت الرواية عن الشافعي في قدر ما يلزم الشهود :

                                                                                                                                            فروى عنه المزني أن عليهم ضمان جميع المهر .

                                                                                                                                            وروى عنه الربيع أن عليهم ضمان نصفه ، واختاره المزني .

                                                                                                                                            فاختلف أصحابنا في اختلاف ما نقلاه ، فخرجه أكثرهم على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : عليهم نصف المهر ، وهو مذهب أبي حنيفة لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : لأنه قدر ما التزم .

                                                                                                                                            [ ص: 264 ] والثاني : أنه قد رجع على الزوجة بنصفه ، فلو رجع على الشهود بجميعه لصار إليه مهر ونصف ، وهو لا يستحق أكثر من المهر ، فعلى هذا عليهم نصف مهر المثل ، لأنه قيمة المتلف .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : نصف المهر المسمى اعتبارا بما غرم .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يلزمهم جميع مهر المثل لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنهم قد أحالوا بينه وبين ما ملكه من جميع البضع ، فوجب أن يرجع عليهم بجميع مهرها كما يرجع به لو دخل بها .

                                                                                                                                            والثاني : أنه لما رجع بجميع المهر إذا استمتع بها ، كان أولى أن يرجع بجميعه إذا لم يستمتع بها

                                                                                                                                            فعلى هذا ، إن كان الصداق قد ساقه إليها لم يرجع عليها بنصفه ، لأنه لا يدعيه .

                                                                                                                                            وإن لم يسقه إليها لم يلزمه إلا نصفه ، وإن اعترف لها بجميعه لأجل منعه منها .

                                                                                                                                            وامتنع بعض أصحابنا من تخريج الرجوع على قولين ، وحملوا ما رواه من أوجب جميع المهر على الزوج إذا ساق جميع المهر إليها ، لأنه خرج عن يده جميع المهر ، فرجع عليهم بجميع المهر .

                                                                                                                                            وهذه الطريقة عندي أولى عندي من تخريج القولين ، لأن ما أمكن حمله على الاتفاق كان أولى من حمله على الاختلاف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية