الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كانت الحجارة مستودعة في الأرض ، وهي مسألة الكتاب ، فهي غير داخلة في البيع : لأن ما أودع في الأرض للحرز ولم يوضع للاستدامة والتأبيد فهو كالكنز المدفون ، يكون للبائع ولا يدخل في البيع ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الحجارة من أربعة أقسام : أحدها : أن يكون تركها غير مضر وقلعها غير مضر .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون تركها مضرا وقلعها مضرا .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون تركها غير مضر وقلعها مضرا .

                                                                                                                                            والرابع : أن يكون قلعها غير مضر وتركها مضرا .

                                                                                                                                            فأما القسم الأول : وهو أن يكون تركها غير مضر : لبعدها من عروق الغراس والزرع ، وقلعها غير مضر به : لأنه لم يحصل في الأرض غراس ولا زرع ، فالبيع لازم ، ولا خيار للمشتري لارتفاع الضرر ، وعلى البائع قلع حجارته ، فإن سمح بها للمشتري لم يلزمه قبولها : لأنها هبة محضة ، ويؤخذ البائع بقلعها ، فإذا قلعها ، فإن كان المشتري عالما بالحجارة فلا أجرة له على البائع في مدة القلع : لأن علمه بها يجعل زمان قلعها مستثنى ، كما نقر ثمرة البائع على نخل المشتري بغير أجرة : لأن العلم بها يجعل زمان بقائها مستثنى .

                                                                                                                                            [ ص: 187 ] وإن كان المشتري غير عالم بالحجارة اعتبر زمان القلع ، فإن كان يسيرا لا يكون لمثله أجرة كيوم أو بعضه فلا أجرة على البائع ، وإن كان كثيرا يكون لمثله أجرة نظر فيه :

                                                                                                                                            فإن كان بعد قبض المشتري وجب على البائع أجرة المثل لتفويته على المشتري منفعة تلك المدة ، ووجب عليه أيضا تسوية الأرض وإصلاح حفرها بقلع الحجارة ، وإن كان ذلك قبل قبض المشتري ، فهل يجب على البائع الأجرة أم لا ، على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : تجب عليه الأجرة : لتفويته على المشتري ما ملكه من المنفعة ، كما لو كان بعد القبض .

                                                                                                                                            والثاني : وهو مذهب جمهور أصحابنا لا أجرة عليه : لأن منفعة الأرض قبل القبض مفوتة على المشتري بيد البائع على الأرض .

                                                                                                                                            فأما تسوية الأرض وإصلاح حفرها فلا تجب على البائع وجها واحدا ، لكن يجب بذلك للمشتري خيار الفسخ : لأنه عيب ونقص كما لو اشترى عبدا فقطع البائع يده قبل القبض ، لم يجب للمشتري أرش ، لكن يستحق به خيار الفسخ : لأنه عيب ونقص ، وإن كان بعض القبض لزمته تسوية الحفر وجها واحدا ، ولا خيار للمشتري ، كما لو اشترى عبدا وقبضه فقطع البائع يده فليس له الأرش وجها واحدا ، ولا خيار للمشتري لحدوث النقص ، فهذا القسم الأول .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية