الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا ابتاع عبدا فذهب عضو منه في يد البائع قبل تسلمه لم يخل ذهاب عضوه من أن يكون بآفة سماوية أو جناية آدمي : فإن كان بآفة سماوية فالمشتري لأجله بالخيار بين فسخ البيع لحدوث الآفة به مع ضمان على بايعه ، وبين الرضا به وإمضاء البيع فيه بجميع الثمن ، وإن كان ذلك بجناية آدمي لم يخل حال الجاني من ثلاثة أحوال : إما أن يكون البائع ، أو المشتري ، أو أجنبي ، فإن كان الجاني على عضو العبد أجنبيا كان للمشتري الخيار فيه لحدوث النقص في يد بايعه ، فإن فسخ كان للبائع مطالبة الجاني بالأرش : لأن العبد قد رجع إلى ملكه بالفسخ ، فإن لم يفسخ المشتري وأحب الإمضاء فالمشتري هو الذي يستحق مطالبة الجاني بالأرش ، لكن بعد قبض العبد ، فأما قبل قبضه فلا مطالبة له بجواز أن يموت العبد في يد بائعه فيبطل البيع فيه ، وتجب أرش الجناية لبائعه وإن كان الجاني على عضو العبد هو المشتري فجنايته مضمونة عليه ولا خيار له بها .

                                                                                                                                            فإن تلف العبد بعد جنايته في يد البائع بحادث سماء فقد بطل البيع فيه لتلفه قبل القبض وصار المشتري ضامنا أرش جنايته للبائع ، وفي كيفية ضمانها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يضمنها بالأروش المقدرة في الأعضاء كالأجنبي ، والثاني : يضمنها بما نقصت من قيمته : لأن الجناية كانت في ملكه بخلاف الأجنبي ، وإن كان الجاني على عضو العبد هو البائع فقد اختلف أصحابنا في جنايته هل يجري مجرى حادث من سماء أو مجرى جناية آدمي على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها تجري مجرى حادث من سماء ، فوجب للمشتري الخيار ، ولا رجوع له بالأرش إن أحب المقام .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها مضمونة كجناية الآدمي فوجب للمشتري الخيار ، ولا رجوع له بالأرش إن أحب المقام .

                                                                                                                                            والثاني : فإن أحب المقام على البيع رجع على البائع بأرش جنايته بعد قبض العبد فأما قبله فلا . وفي كيفية رجوعه بالأرش وجهان : أحدهما : بالمقدر في الأعضاء . والثاني : بقدر النقص من القيمة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية