[ ص: 68 ] كتاب الأقضية واليمين مع الشاهد
وما دخل فيه من اختلاف الحديث وغير ذلك
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " أخبرنا
عبد الله بن الحارث بن عبد الملك المخزومي ، عن
سيف بن سليمان ، عن
قيس بن سعد ، عن
عمرو بن دينار ، عن
ابن عباس ،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد ، قال
عمرو في الأموال ، ورواه من حديث
أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=925503أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد ومن حديث
جعفر بن محمد عن أبيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=925503أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد ورواه عن
علي ،
وأبي بن كعب ،
وعمر بن عبد العزيز ،
وشريح " .
قال
الماوردي : اختلف أهل العلم في
nindex.php?page=treesubj&link=15246الحكم بالشاهد واليمين ، فذهب
الشافعي إلى جواز الحكم به .
وهو في الصحابة قول الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم ،
وأبي بن كعب ،
وجابر بن عبد الله ،
وزيد بن ثابت ،
وأبي هريرة رضي الله عنهم .
ومن التابعين : قول
عمر بن عبد العزيز ،
وشريح ،
والحسن البصري ،
وابن سيرين ،
وأبي سلمة بن عبد الرحمن .
وهو قول الفقهاء السبعة ،
وربيعة بن أبي عبد الرحمن ،
ومالك ،
وابن أبي ليلى ،
والأوزاعي ،
وأحمد بن حنبل .
وقال
أبو حنيفة : لا يجوز أن يحكم باليمين والشاهد ، ووافقه أصحابه عليه ، حتى قال
محمد بن الحسن : انقض حكم الحاكم إذا حكم به .
وبه قال من التابعين :
الزهري ،
والنخعي ،
والشعبي ومن الفقهاء :
ابن شبرمة ،
وسفيان الثوري . استدلالا بقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان [ البقرة : 282 ] ، فجعل القضاء مقصورا على أحد هذين الوجهين ، فكان القضاء بالشاهد واليمين زيادة عليهما ، والزيادة على النص تكون عندهم نسخا .
[ ص: 69 ] وبرواية
ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923235البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر " .
فخص المدعي بالبينة ، والمنكر باليمين .
وبرواية
سماك ، عن
علقمة بن وائل بن حجر ، عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=925640أن رجلا من كندة ، ورجلا من حضرموت أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الحضرمي : يا رسول الله ، إن هذا غصبني أرضي ، ورثتها من أبي ، وقال الكندي : أرضي وفي يدي ، أزرعها لا حق له فيها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي : " ألك بينة " ، قال : لا ، قال : " لك يمينه " ، فقال الحضرمي : إنه فاجر ، لا يبالي على ما حلف ، إنه لا يتورع من شيء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس لك منه إلا ذاك " فدل على أن ما عدا البينة لا يستوجب به حقا ، ولأن البينة موضوعة لإثبات الدعوى ، واليمين موضوعة لإنكارها ، فلما لم تنقل البينة إلى نفي المنكر ، وجب أن لا تنقل إلى إثبات المدعي .
وتحريره قياسا : أنها حجة لأحد المتنازعين ، فلم يجز أن تنقل إلى خصمه كالبينة .
ولأن نقصان العدد المشروع في البينة يمنع من الحكم بها كاليمين مع المرأتين .
ولأنه لو كانت يمين المدعي مع شهادة الشاهد تقوم مقام شاهد ، لما قبلت فيه يمين عبد ولا فاسق ، وفي إجازتكم ليمين العبد والفاسق ما يمنع أن تقوم مقام الشاهد ، ولأنه لو قامت يمينه مقام شاهد ، لما ترتب بعد شهادة الشاهد ، لأن الشاهدين لا يترتبان ، ويجوز تقديم كل واحد منهما على صاحبه ، وفي قولكم : إن يمينه لا تقبل إلا بعد الشاهد - دليل على أنها لا تقوم مقام شاهد .
[ ص: 68 ] كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
وَمَا دَخَلَ فِيهِ مِنِ اخْتَلَافِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَخْزُومِيُّ ، عَنْ
سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، قَالَ
عَمْرٌو فِي الْأَمْوَالِ ، وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=925503أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَمِنْ حَدِيثِ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=925503أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَرَوَاهُ عَنْ
عَلِيٍّ ،
وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ،
وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
وَشُرَيْحٍ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=15246الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ، فَذَهَبَ
الشَّافِعِيُّ إِلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِهِ .
وَهُوَ فِي الصَّحَابَةِ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ،
وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ،
وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ،
وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،
وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
وَمِنَ التَّابِعِينَ : قَوْلُ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
وَشُرَيْحٍ ،
وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ،
وَابْنِ سِيرِينَ ،
وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ .
وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ ،
وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ،
وَمَالِكٍ ،
وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ،
وَالْأَوْزَاعِيِّ ،
وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ بِالْيَمِينِ وَالشَّاهِدِ ، وَوَافَقَهُ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ ، حَتَّى قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : انْقَضَّ حُكْمُ الْحَاكِمِ إِذَا حَكَمَ بِهِ .
وَبِهِ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ :
الزُّهْرِيُّ ،
وَالنَّخَعِيُّ ،
وَالشَّعْبِيُّ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ :
ابْنُ شُبْرُمَةَ ،
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ . اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ [ الْبَقَرَةِ : 282 ] ، فَجُعِلَ الْقَضَاءُ مَقْصُورًا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ ، فَكَانَ الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِمَا ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ تَكُونُ عِنْدَهُمْ نَسْخًا .
[ ص: 69 ] وَبِرِوَايَةِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923235الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي ، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ " .
فَخُصَّ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ ، وَالْمُنْكِرُ بِالْيَمِينِ .
وَبِرِوَايَةِ
سِمَاكٍ ، عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حَجَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=925640أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ ، وَرَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هَذَا غَصَبَنِي أَرْضِي ، وَرِثْتُهَا مِنْ أَبِي ، وَقَالَ الْكِنْدِيُّ : أَرْضِي وَفِي يَدِي ، أَزْرَعُهَا لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ : " أَلَكَ بَيِّنَةٌ " ، قَالَ : لَا ، قَالَ : " لَكَ يَمِينُهُ " ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ : إِنَّهُ فَاجِرٌ ، لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ ، إِنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَاكَ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَا الْبَيِّنَةَ لَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ حَقًّا ، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مَوْضُوعَةٌ لِإِثْبَاتِ الدَّعْوَى ، وَالْيَمِينَ مَوْضُوعَةٌ لِإِنْكَارِهَا ، فَلَمَّا لَمْ تُنْقَلِ الْبَيِّنَةُ إِلَى نَفْيِ الْمُنْكِرِ ، وَجَبَ أَنْ لَا تُنْقَلَ إِلَى إِثْبَاتِ الْمُدَّعِي .
وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا : أَنَّهَا حُجَّةٌ لِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُنْقَلَ إِلَى خَصْمِهِ كَالْبَيِّنَةِ .
وَلِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَدَدِ الْمَشْرُوعِ فِي الْبَيِّنَةِ يَمْنَعُ مِنَ الْحُكْمِ بِهَا كَالْيَمِينِ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ .
وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ يَمِينُ الْمُدَّعِي مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ تَقُومُ مَقَامَ شَاهِدٍ ، لَمَا قُبِلَتْ فِيهِ يَمِينُ عَبْدٍ وَلَا فَاسِقٍ ، وَفِي إِجَازَتِكُمْ لِيَمِينِ الْعَبْدِ وَالْفَاسِقِ مَا يَمْنَعُ أَنْ تَقُومَ مَقَامَ الشَّاهِدِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَامَتْ يَمِينُهُ مَقَامَ شَاهِدٍ ، لَمَا تَرَتَّبَ بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ ، لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَتَرَتَّبَانِ ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، وَفِي قَوْلِكُمْ : إِنَّ يَمِينَهُ لَا تُقْبَلُ إِلَّا بَعْدَ الشَّاهِدِ - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَقُومُ مَقَامَ شَاهِدٍ .