[ القسم المختلف فيه ] .  
فصل : وأما القسم المختلف في وجوب الكشف عن سببه ، فهو أن  تتوجه الدعوى إلى عقد يتردد بين الصحة والفساد   ، فهو على ضربين :  
أحدهما : أن يكون مما يغلظ حكمه في الشرع ، كالنكاح المغلظ بالولي والشاهدين ، فالحاكم مندوب عند  الشافعي   أن يسأل مدعي النكاح عن صفته ، فيقول نكحتها بولي ، وشاهدي عدل ، ورضاها ، فاختلف أصحابه فيما خص به النكاح من صفة العقد ، هل هو محمول على الوجوب أو على الاستحباب على ثلاثة أوجه :  
أحدها : أنه محمول على الاستحباب دون الوجوب سواء ادعى العقد فقال :  
 [ ص: 311 ] تزوجت بهذه المرأة ، أو ادعى النكاح فقال هذه زوجتي ، وتصح الدعوى ، وإن لم يصف العقد ، وهذا قول  أبي العباس بن سريج   وبه قال  أبو حنيفة   ومالك   لأمرين :  
أحدهما : أنه لما لم يلزم في دعوى البيع صفة العقد ، وإن اعتبرت فيه شروط اختلف فيها لم يلزم صفة النكاح لأجل شروطه ، واختلاف الناس فيها .  
والثاني : أنه قد يعتبر في صحة النكاح وجود شرائط كالولي ، والشاهدين ، ورضا المنكوحة ، وعدم شروط كعدم العدة ، والردة ، والإحرام ، فلما لم يعتبر في دعوى النكاح ، الشروط المعدومة لم تعتبر الشروط الموجودة .  
والوجه الثاني : وهو ظاهر مذهبه ، وعليه قول الأكثرين من أصحابه أنه محمول على الوجوب ، وأن الشروط المعتبر وجودها في صحة النكاح ، شرط في صحة دعواه ، سواء توجهت الدعوى إلى العقد أو إلى الزوجية ، واختلف على هذا في سبب اختصاصه في الدعوى بصفة العقد ، فقال  أبو علي بن أبي هريرة      : لأن النبي صلى الله عليه وسلم خصه من سائر العقود بأن قال : "  لا نكاح إلا بولي وشاهدين     " ، ولولا هذا التخصيص لكان كغيره ، وعلل  أبو إسحاق المروزي   بأن الفروج موضوعة على الحظر ، والتغليظ فلم يجز استباحتها بدعوى محتملة ، حتى ينفي عنها الاحتمال به لصفة .  
وعلل  أبو حامد المروزي   بأن في استباحة الزوج إتلافا لا يستدرك ومأثما لا يرتفع بالإباحة ، فأشبه دعوى القتل ، وخالف ما سواه من عقود الأملاك .  
وعلل آخرون بأن الإطلاق في عقود النكاح أكثر ، وما يطلق على اسم النكاح من فاسد العقود أقل ، وفرقوا بين شروط الوجود ، وشروط العدم وأن الشروط المعدومة أصل في العدم ، فحملت على ظاهر العدم وليس لشروط الوجود أصل في الوجود ، فلم يحمل على ظاهر الوجود .  
والوجه الثالث : إن كانت الدعوى ، في عقد النكاح ، فقال تزوجت هذه المرأة ، كانت شروط العقد معتبرة في صحة الدعوى وإن اقتصرت الدعوى على النكاح الأول ، دون العقد ، فقال هذه زوجتي ، لم يعتبر شروطا للعقد في صحة الدعوى ، لأن الاستدامة أخف حكما من الابتداء ، لأن الشهادة على عقد البيع ، والنكاح بالخبر الشائع لا      [ ص: 312 ] تصح ، حتى يشاهد المتعاقدين ، ويسمع لفظهما بالعقد والشهادة على الأملاك ، والزوجية بالخبر الشائع تصح ، فلذلك تغلظت دعوى العقد وتخففت دعوى الزوجية .  
				
						
						
