[ ص: 380 ] باب في
nindex.php?page=treesubj&link=16339القافة ودعوى الولد من كتاب الدعوى والبينات ومن كتاب نكاح قديم
مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " أخبرنا
سفيان عن
الزهري ، عن
عروة ، عن
عائشة ، قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف السرور في وجهه فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925738ألم تري أن مجززا المدلجي نظر إلى أسامة وزيد ، عليهما قطيفة ، قد غطيا رءوسهما ، وبدت أقدامهما ، فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ( قال
الشافعي ) : فلو لم يكن في القافة إلا هذا انبغى أن يكون فيه دلالة أنه علم ، ولو لم يكن علما لقال له : لا تقل هذا : لأنك إن أصبت في شيء لم آمن عليك أن تخطئ في غيره ، وفي خطئك قذف محصنة ، أو نفي نسب ، وما أقره إلا أنه رضيه ، ورآه علما ، ولا يسر إلا بالحق ، صلى الله عليه وسلم ، ودعا
عمر رحمه الله قائفا في رجلين ادعيا ولدا ، فقال : لقد اشتركا فيه ، فقال
عمر للغلام : وال أيهما شئت ، وشك
أنس في ابن له ، فدعا له القافة ( قال
الشافعي ) رحمه الله : وأخبرني عدد من أهل العلم من
المدينة ،
ومكة أنهم أدركوا الحكام يفتون بقول القافة ، ( قال
الشافعي ) رحمه الله : ولم يجز الله جل ثناؤه نسب أحد قط إلا إلى أب واحد ولا رسوله عليه السلام " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح ، القيافة يحكم بها في إلحاق الأنساب ، إذا اشتبهت بالاشتراك في الوطء الموجب للحوق النسب ، فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=16339_14383اشترك الرجلان في وطء امرأة يظنها كل واحد منهما زوجته ، أو أمته ، أو يتزوجها كل واحد منهما تزويجا فاسدا يطؤها فيه ، أو كان نكاح أحدهما صحيحا يطؤها فيه ، ووطئها الآخر بشبهة ، أو يكونان شريكين في أمة ، فيشتركان في وطئها ، ثم تأتي بولد بعد وطئها لمدة لا تنقص عن أقل الحمل ، وهي ستة أشهر ، ولا تزيد على أكثره ، وهي أربع سنين ، فيمكن أن يكون من كل واحد منهما ، فلا يجوز أن يلحق بهما ، ولا يجوز أن يخلق من مائهما ، فيحكم بالقافة في إلحاقه بأحدهما :
وكذلك لو اشترك عدد كثير في وطئها ، حكم بالقافة في إلحاقه بأحدهم ، وسواء اجتمعوا على ادعائه ، والتنازع فيه ، أو تفرد به بعضهم في استوائه في إلحاقه بأحدهم ، وهو في الصحابة قول
علي بن أبي طالب ، عليه السلام في القافة ، إذا وجدوا ، ويقرع بينهم إذا فقدوا ، وحكم
عمر رضي الله عنه بالقافة في إحدى الروايتين عنه ، وبه قال
[ ص: 381 ] أنس بن مالك ، وبه قال من التابعين
عطاء ومن الفقهاء
مالك ،
والأوزاعي ،
وأحمد بن حنبل .
وقال
أبو حنيفة ، وأصحابه لا يحكم بالقافة ، ويجوز أن يخلق الولد من ماء رجلين وأكثر ، وألحقه بجميعهم ، ولو كانوا مائة .
وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=14383تنازع امرأتان ولدا ألحقته بهما كالرجلين .
وقال
أبو يوسف : ألحقه بالواحد إجماعا ، وبالاثنين أثرا ، وبالثلاثة قياسا ، ولا ألحقه بالرابع ، فتحرر الخلاف مع
أبي حنيفة في ثلاثة أشياء :
أحدها : في إلحاقه بالقافة ، منع منها
أبو حنيفة ، وجوزناه .
والثاني : في إلحاقه بأبوين ، جوزه
أبو حنيفة ، وأبطلناه .
والثالث : في خلقه من ماءين فأكثر ، صححه
أبو حنيفة ، وأفسدناه .
واستدل أصحاب
أبي حنيفة على إبطال قول القافة ، وأن لا يكون للشبه تأثير في لحوق الأنساب بقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36ولا تقف ما ليس لك به علم وهذه صفة القائف ، وبقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=8في أي صورة ما شاء ركبك ولو تركبت عن الأشباه زالت عن مشتبه ، وبقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=50أفحكم الجاهلية يبغون nindex.php?page=treesubj&link=14383والقيافة من أحكام الجاهلية ، وقد أنكرت بعد الإسلام ، وعدت من الباطل ، حتى قال
جرير في شعره :
وطال خياري غربة البين والنوى وأحدوثة من كاشح يتقوف
أي يقول : الباطل .
ومما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=925739أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي ولدت غلاما أسود ، وأنا أنكره ، فقال : هل لك من إبل ؟ فقال : نعم . قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر . قال : فهل فيها من أورق ؟ قال : نعم . قال : فمن أين هذا ؟ قال : لعل عرقا نزعه . قال : وهذا لعل عرقا نزعه " . فأبطل الاعتبار بالشبه الذي يعتبره القائف ، وبما روي أن
العجلاني لما قذف من
شريك بن السحماء بزوجته ، وهي حامل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924205 " إن جاءت به على نعت كذا فلا أراه إلا وقد صدق عليها ، وإن جاءت به على نعت كذا ، فلا أراه إلا وقد كذب عليها ، فجاءت به على النعت المكروه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أمره لبين ، لولا ما حكم [ ص: 382 ] الله لولا الأيمان ، لكان لي ولها شأن " ، فدل على أن حكم الله يمنع من اعتبار الشبه . قالوا : ولو كانت القيافة علما لعم في الناس ، ولم يختص بقوم ولأمكن أن يتعاطاه كل من أراد كسائر العلوم ، فلما لم يعم ولم يمكن أن يتعلم ، بطل ، أن يكون علما يتعلق به حكم ، ولأنه لما لم يعمل بالقيافة في إلحاق البهائم كان أولى أن لا يعمل بها في إلحاق الأنساب ، واستدلوا على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=27527إلحاق الولد بآبائه لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923228الولد للفراش ، وللعاهر الحجر " . فلما لم يمتنع الاشتراك في الفراش ، لم يمتنع الاشتراك في الإلحاق ، وبما روي من قضية
عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " اختصما في رجلين إليه وقد وطئا امرأة في طهر واحد ، فأتت بولد ، فدعا بالقائف ، وسأله ، فقال : قد أخذ الشبه منهما يا أمير المؤمنين ، فضربه
عمر بالدرة ، حتى أضجعه ثم حكم بأنه ابنهما يرثهما ، ويرثانه ، وهو للباقي منهما ، فلم يظهر له في الحكم بهما مخالف مع اشتهار القضية ، فصار كالإجماع .
قالوا : ولأنهما قد اشتركا في السبب الموجب لثبوت النسب ، فوجب أن يكون لاحقا بهما كأبوين .
قالوا : ولأن أسباب التوارث لا يمتنع الاشتراك فيها كالولاء ، واستدلوا على جواز خلقه من ماء رجال بأنه لما خلق الولد من ماء الرجل الواحد ، إذا امتزج بماء المرأة في الرحم كان أولى أن يخلق من ماء الجماعة ، إذا امتزج ماؤهم بمائها ، لأنه بالاجتماع أقوى ، وبالانفراد أضعف ، والقوة أشبه بعلوق الولد من الضعف .
قالوا : ولأنه إذا جاز أن يخلق من اجتماع ماء الرجل الواحد من إنزال بعد إنزال ، جاز أن يخلق من اجتماع ماء الجماعة من وطء بعد وطء ، لأن اجتماع المياه من الجماعة كاجتماعها من الواحد .
[ ص: 380 ] بَابٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16339الْقَافَةِ وَدَعْوَى الْوَلَدِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ وَمِنْ كِتَابِ نِكَاحٍ قَدِيمٍ
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَخْبَرَنَا
سُفْيَانُ عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عُرْوَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرِفُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=925738أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجِزِّزًا الْمُدْلَجِيَّ نَظَرَ إِلَى أُسَامَةَ وَزَيْدٍ ، عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ ، قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا ، وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا ، فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ( قَالَ
الشَّافِعِيُّ ) : فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَافَةِ إِلَّا هَذَا انْبَغَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ دَلَالَةٌ أَنَّهُ عِلْمٌ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِلْمًا لَقَالَ لَهُ : لَا تَقُلْ هَذَا : لِأَنَّكَ إِنْ أَصَبْتَ فِي شَيْءٍ لَمْ آمَنْ عَلَيْكَ أَنْ تُخْطِئَ فِي غَيْرِهِ ، وَفِي خَطَئِكَ قَذْفُ مُحْصَنَةٍ ، أَوْ نَفْيُ نَسَبٍ ، وَمَا أَقَرَهُ إِلَّا أَنَّهُ رَضِيَهُ ، وَرَآهُ عِلْمًا ، وَلَا يُسَرُّ إِلَّا بِالْحَقِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَعَا
عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَائِفًا فِي رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا وَلَدًا ، فَقَالَ : لَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ ، فَقَالَ
عُمَرُ لِلْغُلَامِ : وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ ، وَشَكَّ
أَنَسٌ فِي ابْنٍ لَهُ ، فَدَعَا لَهُ الْقَافَةُ ( قَالَ
الشَّافِعِيُّ ) رَحِمِهُ اللَّهُ : وَأَخْبَرَنِي عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ
الْمَدِينَةِ ،
وَمَكَةَ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا الْحُكَّامَ يُفْتُونَ بِقَوْلِ الْقَافَةِ ، ( قَالَ
الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلَمْ يُجِزِ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَسَبَ أَحَدٍ قَطُّ إِلَّا إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَلَا رَسُولُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا صَحِيحٌ ، الْقِيَافَةُ يُحْكَمُ بِهَا فِي إِلْحَاقِ الْأَنْسَابِ ، إِذَا اشْتَبَهَتْ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْوَطْءِ الْمُوجِبِ لِلُحُوقِ النَّسَبِ ، فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16339_14383اشْتَرَكَ الرَّجُلَانِ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ يَظُنُّهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجَتَهُ ، أَوْ أَمَتَهُ ، أَوْ يَتَزَوَّجُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَزْوِيجًا فَاسِدًا يَطَؤُهَا فِيهِ ، أَوْ كَانَ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا صَحِيحًا يَطَؤُهَا فِيهِ ، وَوَطِئَهَا الْآخَرُ بِشُبْهَةٍ ، أَوْ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي أَمَةٍ ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي وَطْئِهَا ، ثُمَّ تَأْتِي بِوَلَدٍ بَعْدَ وَطْئِهَا لِمُدَّةٍ لَا تَنْقُصُ عَنْ أَقَلِّ الْحَمْلِ ، وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَلَا تَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِهِ ، وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْحَقَ بِهِمَا ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخْلَقَ مِنْ مَائِهِمَا ، فَيُحْكَمُ بِالْقَافَةِ فِي إِلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا :
وَكَذَلِكَ لَوِ اشْتَرَكَ عَدَدٌ كَثِيرٌ فِي وَطْئِهَا ، حُكِمَ بِالْقَافَةِ فِي إِلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمْ ، وَسَوَاءٌ اجْتَمَعُوا عَلَى ادِّعَائِهِ ، وَالتَّنَازُعِ فِيهِ ، أَوْ تَفَرَّدَ بِهِ بَعْضُهُمْ فِي اسْتِوَائِهِ فِي إِلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمْ ، وَهُوَ فِي الصَّحَابَةِ قَوْلُ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْقَافَةِ ، إِذَا وُجِدُوا ، وَيَقْرَعُ بَيْنَهُمْ إِذَا فُقِدُوا ، وَحَكَمَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْقَافَةِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ ، وَبِهِ قَالَ
[ ص: 381 ] أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَبِهِ قَالَ مِنَ التَّابِعِينَ
عَطَاءٌ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ
مَالِكٌ ،
وَالْأَوْزَاعِيُّ ،
وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ لَا يُحْكَمُ بِالْقَافَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُخْلَقَ الْوَلَدُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ وَأَكْثَرُ ، وَأَلْحَقَهُ بِجَمِيعِهِمْ ، وَلَوْ كَانُوا مِائَةً .
وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=14383تَنَازَعَ امْرَأَتَانِ وَلَدًا أَلْحَقْتُهُ بِهِمَا كَالرَّجُلَيْنِ .
وَقَالَ
أَبُو يُوسُفَ : أُلْحِقُهُ بِالْوَاحِدِ إِجْمَاعًا ، وَبِالِاثْنَيْنِ أَثَرًا ، وَبِالثَّلَاثَةِ قِيَاسًا ، وَلَا أُلْحِقُهُ بِالرَّابِعِ ، فَتَحَرَّرَ الْخِلَافُ مَعَ
أَبِي حَنِيفَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ :
أَحَدُهَا : فِي إِلْحَاقِهِ بِالْقَافَةِ ، مَنَعَ مِنْهَا
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَجَوَّزْنَاهُ .
وَالثَّانِي : فِي إِلْحَاقِهِ بِأَبَوَيْنِ ، جَوَّزَهُ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبْطَلْنَاهُ .
وَالثَّالِثُ : فِي خَلْقِهِ مِنْ مَاءَيْنِ فَأَكْثَرَ ، صَحَّحَهُ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَفْسَدْنَاهُ .
وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُ
أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى إِبْطَالِ قَوْلِ الْقَافَةِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّبَهِ تَأْثِيرٌ فِي لُحُوقِ الْأَنْسَابِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=36وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ وَهَذِهِ صِفَةُ الْقَائِفِ ، وَبُقُولِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=8فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ وَلَوْ تَرَكَّبَتْ عَنِ الْأَشْبَاهِ زَالَتْ عَنْ مُشْتَبَهٍ ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=50أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ nindex.php?page=treesubj&link=14383وَالْقِيَافَةُ مِنْ أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَقَدْ أُنْكِرَتْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ، وَعُدَّتْ مِنَ الْبَاطِلِ ، حَتَّى قَالَ
جَرِيرٌ فِي شِعْرِهِ :
وَطَالَ خِيَارِي غُرْبَةُ الْبَيْنِ وَالنَّوَى وَأُحْدُوثَةٌ مِنْ كَاشِحٍ يَتَقَوَّفُ
أَيْ يَقُولُ : الْبَاطِلَ .
وَمِمَّا رُوِيَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=925739أَنَ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ ، وَأَنَا أُنْكِرُهُ ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . قَالَ : مَا أَلْوَانُهَا ؟ قَالَ : حُمْرٌ . قَالَ : فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَمِنْ أَيْنَ هَذَا ؟ قَالَ : لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ . قَالَ : وَهَذَا لَعَلَّ عِرْقًا نَزَعَهُ " . فَأَبْطَلَ الِاعْتِبَارَ بِالشَّبَهِ الَّذِي يَعْتَبِرُهُ الْقَائِفُ ، وَبِمَا رُوِيَ أَنَّ
الْعَجْلَانِي لَمَّا قُذِفَ مِنْ
شَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءِ بِزَوْجَتِهِ ، وَهِيَ حَامِلٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924205 " إِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا فَلَا أَرَاهُ إِلَّا وَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ عَلَى نَعْتِ كَذَا ، فَلَا أَرَاهُ إِلَّا وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا ، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ أَمْرَهُ لَبَيِّنٌ ، لَوْلَا مَا حَكَمَ [ ص: 382 ] اللَّهُ لَوْلَا الْأَيْمَانُ ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ " ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ يَمْنَعُ مِنِ اعْتِبَارِ الشَّبَهِ . قَالُوا : وَلَوْ كَانَتِ الْقِيَافَةُ عِلْمًا لَعَمَّ فِي النَّاسِ ، وَلَمْ يُخْتَصَّ بِقَوْمٍ وَلَأَمْكَنَ أَنْ يَتَعَاطَاهُ كُلُّ مَنْ أَرَادَ كَسَائِرِ الْعُلُومِ ، فَلَمَّا لَمْ يَعُمَّ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُتَعَلَّمَ ، بَطَلَ ، أَنْ يَكُونَ عِلْمًا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعْمَلُ بِالْقِيَافَةِ فِي إِلْحَاقِ الْبَهَائِمِ كَانَ أَوْلَى أَنْ لَا يَعْمَلَ بِهَا فِي إِلْحَاقِ الْأَنْسَابِ ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=27527إِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِآبَائِهِ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=923228الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ " . فَلَمَّا لَمْ يَمْتَنِعِ الِاشْتِرَاكُ فِي الْفِرَاشِ ، لَمْ يَمْتَنِعِ الِاشْتِرَاكُ فِي الْإِلْحَاقِ ، وَبِمَا رُوِيَ مِنْ قَضِيَّةِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " اخْتَصَمَا فِي رَجُلَيْنِ إِلَيْهِ وَقَدْ وَطِئَا امْرَأَةً فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ ، فَدَعَا بِالْقَائِفِ ، وَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : قَدْ أَخَذَ الشَّبَهَ مِنْهُمَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَضَرْبَهُ
عَمَرُ بِالدِّرَةِ ، حَتَّى أَضْجَعَهُ ثُمَّ حَكَمَ بِأَنَّهُ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا ، وَيَرِثَانِهِ ، وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا ، فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِي الْحُكْمِ بِهِمَا مُخَالِفٌ مَعَ اشْتِهَارِ الْقَضِيَّةِ ، فَصَارَ كَالْإِجْمَاعِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَاحِقًا بِهِمَا كَأَبَوَيْنِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّ أَسْبَابَ التَّوَارُثِ لَا يَمْتَنِعُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا كَالْوَلَاءِ ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ خَلْقِهِ مِنْ مَاءِ رِجَالٍ بِأَنَّهُ لَمَّا خُلِقَ الْوَلَدُ مِنْ مَاءِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ ، إِذَا امْتَزَجَ بِمَاءِ الْمَرْأَةِ فِي الرَّحِمِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يُخْلَقَ مِنْ مَاءِ الْجَمَاعَةِ ، إِذَا امْتَزَجَ مَاؤُهُمْ بِمَائِهَا ، لِأَنَّهُ بِالِاجْتِمَاعِ أَقْوَى ، وَبِالِانْفِرَادِ أَضْعَفُ ، وَالْقُوَّةُ أَشْبَهُ بِعُلُوقِ الْوَلَدِ مِنَ الضَّعْفِ .
قَالُوا : وَلِأَنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ يُخْلَقَ مِنِ اجْتِمَاعِ مَاءِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ مِنْ إِنْزَالٍ بَعْدَ إِنْزَالٍ ، جَازَ أَنْ يُخْلَقَ مِنِ اجْتِمَاعِ مَاءِ الْجَمَاعَةِ مِنْ وَطْءٍ بَعْدَ وَطْءٍ ، لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْمِيَاهِ مِنَ الْجَمَاعَةِ كَاجْتِمَاعِهَا مِنَ الْوَاحِدِ .