فصل : فإذا تقرر وجوب الحكم  بالقيافة في الأنساب ، إذا اشتبهت بعد الاشتراك في أسباب لحوقها   ، فالكلام فيها يشتمل على أربعة فصول :  
أحدها : صفة القائف .  
والثاني : صفة القيافة .  
والثالث : الموجب لها .  
والرابع : نفوذ الحكم بها .  
فأما الفصل الأول : في  صفة القائف   ، فيشتمل على أربعة شروط ، يصح أن يكون بها قائفا وهو : أن يكون رجلا حرا ، عدلا ، عالما ، لأنه متردد الحال بين حكم ، وشهادة ، فاعتبرت فيه هذه الشروط الأربعة ، فإن  كان امرأة   أو عبدا   ، أو فاسقا أو غير عالم لم يجز أن يكون قائفا ، وعلمه ضربان :  
أحدهما :  علمه بالقيافة      .  
والثاني : علمه بالفقه .  
 [ ص: 387 ] فأما علمه بالقيافة ، فهو المقصود منه ، فلا بد أن يكون معتبرا فيه ومختبرا عليه ، واختباره فيه أن يجرب في غير المتنازعين ، بأن يضم ولد معروف النسب ، إلى جماعة ليس له فيهم أب ، ويقال له : من أبوه منهم ؟ ولا يقال ألحقه بأبيه منهم ، لأنه ليس له فيهم أب ، فإذا قال : ليس له فيهم أب ، ضمه ذلك الولد إلى جماعة له فيها أب ، وقيل له : ألحقه بأبيه منهم ، لأن له فيهم أبا ، فإن ألحقه بأبيه منهم ، عرف أنه عالم بالقيافة .  
وإن أخطأ في الأول فألحقه بواحد منهم ، أو أخطأ في الثاني فألحقه بغير أبيه منهم ، علم بأنه غير عالم بالقيافة ، ولا يقنع ، إذا أصاب مرة أن يجرب في ثانية ، وثالثة ، لأنه قد يجوز أن يصيب في الأولة اتفاقا ، وفي الثانية ، ظنا ، وفي الثالثة يقينا ، فإذا وثق بعلمه عمل على قوله ولا يلزم أن يختبر ثانية بعد المعرفة بعلمه .  
وأما علم الفقه فإن نزل به منزلة المخير لم يفتقر إلى علم الفقه وإن نزل منزلة الحاكم على ما سنذكره ، من الفرق بين حالتيه اعتبر فيه من علم الفقه ، ما اختص بلحوق الأنساب ، ولم يعتبر فيه العلم بجميع الفقه ، لأن اعتباره في القافة متعذرا ، ولا يلزم أن يكون في  بني مدلج   ، ولا من العرب ، إذا تكاملت فيه شروط القيافة ، ووهم بعض أصحابنا ، فقال : لا يصح أن يكون إلا من  بني مدلج   ، لاختصاصهم بعلم القيافة طبعا في خلقهم ، وهذا لا وجه له لأن مقصود القيافة قد يجوز أن يعدم في  بني مدلج   ، ويوجد في غير  بني مدلج   ، وإن كان الأغلب وجوده في  بني مدلج      .  
				
						
						
