الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج ) بتشديد الجيم أخرج حديثه الستة ( أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ( يونس بن بكير ) بضم الموحدة ، وفتح الكاف ، وسكون الياء ، أخرج حديثه الجماعة إلا النسائي ( وعن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد ) بتشديد الموحدة ( بن عبد الله بن الزبير ) أخرج حديثه الأربعة ( عن أبيه ) أي عباد أخرج حديثه الستة ( عن جده عبد الله بن الزبير ) أحد العبادلة الأربعة وهو من كبار متأخري الصحابة ، عالم زاهد عابد استخلف بعد معاوية ، وتابعه ممالك الإسلام سوى الشام ، صلبه الحجاج ( عن الزبير بن العوام ) بتشديد الواو أحد العشرة المبشرة المشهود له بالجنة ، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة ، وكان أول من سل السيف في سبيل الله ، قال ميرك عن الزبير بن العوام : هكذا وقع في بعض نسخ الشمائل ، وكذا وقع في أصل سماعنا ملحقا بصح ، وحذف في بعض النسخ ذكر الزبير واقتصر على عبد الله بن الزبير وهو خطأ ، والصواب إثبات الزبير في الإسناد ; لأنه هكذا أخرجه المؤلف في جامعه ، وبذكره يكون الحديث مسندا متصلا ، وبحذفه يكون الحديث مرسلا فإن عبد الله بن الزبير لم يحضر واقعة أحد ، كما سيأتي وبذكر الزبير يصح قوله في أثناء الحديث قال : فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أوجب طلحة بالفاء التي تدل على التعقيب ، بلا تراخ عن استوائه صلى الله عليه وسلم على الصخرة وسماع هذا الكلام منه ، وقال العسقلاني : [ ص: 197 ] وذكر ابن إسحاق أن طلحة جلس تحت النبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد الجبل قال : فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عبد الله بن الزبير ، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أوجب طلحة ، وعلى ما وقع في بعض النسخ من حذف الزبير ، يكون هذا الكلام كذبا محضا ; لأن عبد الله بن الزبير لم يحضر هذه الواقعة ، فإن مولده في السنة الأولى من الهجرة ، ويقال في السنة الثانية ، وهو الأرجح ، وواقعة أحد كانت في السنة الثالثة من الهجرة انتهى كلامه . ويحمل أن يكون وجه الحذف أنه سمعه من أبيه ، وحذفه في الإسناد فيصير الحديث من قبيل مراسيل الصحابة ، وهو حجة عند الكل ، ولا يلزم من العمل المذكور الكذب المحظور ، ولا التدليس المحذور ، والله أعلم . ويؤيده الحديث الآتي على ما سيأتي ( قال ) أي الزبير أو ابنه نقلا عنه ( كان على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعان ) قال ميرك : هما ذات الفضول والفضة ، كما رواه بعض أهل السير ، عن محمد بن مسلمة الأنصاري ( فنهض ) كمنع أي قام ، ونهض النبت أي : استوى على ما في القاموس ، أي فأراد أن ينهض ( إلى الصخرة ) أي متوجها إليها ليستعليها فيراه الناس فيعلمون حياته ، ويجتمعون عنده ( فلم يستطع ) أي الاستواء على الصخرة لثقل درعيه ، أو لضعف طرأ عليه ، وهو الأظهر ; لأنه حصل له آلام ضروب وصلت إليه ، وكثرة دم سائل من رأسه وجبهته لما أصابه من حجر رمي به ، حتى سقط بين القتلى ( فأقعد طلحة ) أي أجلسه ( تحته فصعد ) بكسر العين أي طلع بإمداده ( النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوى ) أي تمكن واستقر ( على الصخرة ) وهي حجر عظيم يكون غالبا في سفح الجبل ( قال ) أي الراوي ( فسمعت ) بالفاء على ما في الأصول المصححة والنسخ المعتمدة ، وعلى ما صرح به ميرك في القضية المتقدمة ، وجعل العصام أصله سمعت ، ثم قال : وفي نسخة فسمعت ( النبي صلى الله عليه وسلم يقول أوجب طلحة ) أي لنفسه الجنة أو الشفاعة أو المثوبة العظيمة بفعله هذا ، أو بما فعل في ذلك اليوم حيث جعل نفسه فداء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى شلت يده وجرح ببضع وثمانين .

التالي السابق


الخدمات العلمية