الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب ) أي السختياني ( عن ابن أبي مليكة ) بالتصغير ( عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء ) بالفتح والمد المكان الخالي ، والمراد هنا مكان قضاء الحاجة ، وقول ابن حجر : أي المتوضأ ، غير ظاهر لم نجده ، وكذا قوله : عبر به عن ذلك استحياء وتجملا ( فقرب ) بضم القاف وتشديد الراء ( إليه ) أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ( الطعام ) وفي نسخة بالتنكير ( فقالوا ) أي : بعض الصحابة ( ألا نأتيك ) بالاستفهام وفي نسخة بحذفه ، لكن المعنى عليه والباء [ ص: 283 ] في قوله : ( بوضوء ) للتعدية ، وهو بفتح الواو ما يتوضأ به ، ومعنى الاستفهام على العرض نحو ألا تنزل عندنا ، والمعنى ألا تتوضأ كما في الحديث الآتي ( قال : إنما أمرت ) أي وجوبا ( بالوضوء ) بضم الواو ، وهو الوضوء الشرعي أي بفعله ( إذا قمت ) متعلق بالوضوء لا بأمرت أي أردت القيام ، وأنا محدث ( إلى الصلاة ) أي وما في معناها ، فإنه يجب الوضوء عند سجدة التلاوة ، ومس المصحف ، وإرادة الطواف ، ولعله بنى الكلام على الأعم الأغلب ، وكأنه صلى الله عليه وسلم علم من السائل أنه اعتقد أن الوضوء الشرعي قبل الطعام واجب مأمور به ، فنفاه على الطريق الأبلغ ، حيث أتى بأداة الحصر ، وأسند الأمر إليه تعالى ، وهو لا ينافي جوازه ، بل استحبابه فضلا عن استحباب الوضوء العرفي المفهوم من الحديث الآتي آخر الباب ، سواء غسل يديه عند شروعه في الأكل أم لا .

قال ميرك : ليس في هذا الحديث والذي يليه تعرض لغسل اليدين ; لأجل الطعام لا نفيا ، ولا إثباتا ، فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم غسل يديه عند شروعه في الأكل ، قلت : ويحتمل أنه ما غسلهما لبيان الجواز ، وهو الأظهر في نفي الوجوب المفهوم من جوابه صلى الله عليه وسلم ، وفي الجملة لا يتم استدلال من احتج به على نفي الوضوء مطلقا ، قبل الطعام لوجود الاحتمال ، والله أعلم بالحال .

التالي السابق


الخدمات العلمية