الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      تقدم القول في : (إلا من ظلم) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (تعدوا) ; فأصلها : (تعتدوا) ; فنقل فتحة التاء إلى العين، وأدغم التاء ، ومن اختلس الفتحة; فأصلها كذلك أيضا، وهذه العبارة

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 384 ] عند الحذاق هي الصواب، وقد روى بعض الرواة إسكان العين، وتشديد الدال، وهو جمع بين الساكنين، وهو شاذ قليل، ومن قرأ: (تعدوا) ; فهو من (عدا) .

                                                                                                                                                                                                                                      فبما نقضهم ميثاقهم : (ما) : زائدة، وقيل: هي نكرة، و (نقضهم) : بدل منها.

                                                                                                                                                                                                                                      بهتانا عظيما : حال، وقيل : مصدر.

                                                                                                                                                                                                                                      إلا اتباع الظن : استثناء منقطع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم القول في: وما قتلوه يقينا .

                                                                                                                                                                                                                                      فبظلم من الذين هادوا : قال نفطويه، والزجاج : يجوز أن يكون (فبظلم) بدلا من قوله: فبما نقضهم ميثاقهم .

                                                                                                                                                                                                                                      أبوعلي : هذا فاسد; لأن البدل لا يكون بتوسط حرف الجر ، قال : والذي يتعلق به فبما نقضهم ميثاقهم محذوف، كأنه قال : لعناهم، ونحوه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 386 ] وقوله: (فبظلم) : متعلق بـ (حرمنا) ، وحسن الحذف; لطول الكلام، وللدلالة على المحذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      والمقيمين الصلاة : نصبه عند سيبويه على المدح، وهو عند الكسائي: مجرور، محمول على (ما) قبله في قوله: (بما أنزل إليك ); على أن المقيمين الصلاة الأنبياء والملائكة، وكذلك تقدير قول من جعله معطوفا على الكاف من (إليك) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو معطوف على الهاء والميم في: لكن الراسخون في العلم منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو معطوف على الكاف في: وما أنزل من قبلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : هو معطوف على (قبل) ; أي: وقبل المقيمين، ثم حذف المضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قدر خبر قوله : ( الراسخون) : أولئك سنؤتيهم ; لم يسغ له أن ينصب (المقيمين) ; لأن المدح لا يكون إلا بعد تمام الكلام، لكنه يجعل الخبر: يؤمنون بما أنزل إليك .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 387 ] ورفع والمؤتون الزكاة عند سيبويه على الابتداء، أو يكون على إضمار مبتدأ; التقدير : وهم المؤتون الزكاة، ويجوز عطفه على المضمر في (المقيمين) ، أو المضمر في (يؤمنون) ، أو على قوله : ( الراسخون) .

                                                                                                                                                                                                                                      وكسر النون، وضمها، وفتحها في (يونس) لغات، وكأن (يونس) في الأصل: فعل مبني للفاعل، و (يونس) : فعل مبني للمفعول; فسمي بهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ضم الزاي من (الزبور) ; جاز أن يكون جمع (زبر) ; كـ (فلس وفلوس) ، و (زبر) بمعنى: مزبور; فجمع; لوقوعه موقع الأسماء التي ليست بمصادر، كما جمعوا (كتابا) على (كتب) ، حين استعمل استعمال الأسماء.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحتمل أن يكون جمع (زبور) ، فحذفت الزيادة; كأن الواو حذفت، فصارت إلى (زبر) ، فجمع على (فعول) ، كما جمع (ظريف) على (ظروف) ; كأنه (ظرف) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح الزاي; فهو (فعول) بمعنى: (مفعول) ، ومعنى (مزبور) : مكتوب. وقوله: ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل : محمول على المعنى; لأن معنى [ ص: 388 ] (أوحينا) : أرسلنا، وفي الكلام تقدير حذف مضاف، والمعنى : (قصصنا أخبارهم عليك وأسماءهم) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: وكلم الله موسى تكليما ; فهو على أن موسى كلم الله، كما قال في موضع آخر: رب أرني أنظر إليك ، وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      رسلا مبشرين ومنذرين : بدل من قوله: (ورسلا) المتقدم، أو يكون منصوبا بإضمار فعل.

                                                                                                                                                                                                                                      [ انتهوا خيرا لكم : النصب في قوله: (خيرا لكم) عند سيبويه: بإضمار فعل; كأنه قال] : ائتوا خيرا لكم; لأنه إذا نهاهم عن الشرك; فقد أمرهم بإتيان ما هو خير لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو عند أبي عبيدة وغيره: خبر (كان) مضمرة; أي: فآمنوا يكن خيرا لكم، وهو عند الفراء : نعت لمصدر محذوف، التقدير: فانتهوا انتهاء خيرا لكم، وكذلك القول في: فآمنوا خيرا لكم ، وأمره إياهم بالإيمان دليل [ ص: 389 ] على إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير منه ، على التقدير الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      وارتفاع (ثلاثة) على تقدير : ولا تقولوا: آلهتنا ثلاثة، أبو علي : التقدير :

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تقولوا: هو ثالث ثلاثة; فحذف المبتدأ والمضاف.

                                                                                                                                                                                                                                      إنما الله إله واحد : يحتمل وصفه ـ تعالى ـ بـ (إله واحد) أمرين:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: التأكيد، كما قال: لا تتخذوا إلهين اثنين ، فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ، وشبهه.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن يكون المعنى: أنه منفرد في إلهيته، وقد يقع (الإله) في معنى الجمع; نحو قوله: وما من إله إلا الله الواحد ; معناه : (ما من آلهة إلا الله) ، فلما كان كذلك; وصف بـ (واحد) ; ليتخلص مما قد يكون للجميع.

                                                                                                                                                                                                                                      واسم (الله) : مبتدأ، و (إله) : خبره، [ و (واحد) نعت له، ويجوز أن يكون (إله) بدلا من اسم الله عز وجل، و (واحد) : خبره]، تقديره: إنما المعبود واحد.

                                                                                                                                                                                                                                      سبحانه أن يكون له ولد : (أن) مفتوحة في موضع نصب، على تقدير : (عن أن يكون له ولد) ، ومن كسر (أن) ; فعلى أنها نفي بمعنى (ما) ; والمعنى: (ما يكون له ولد) ، وينبغي رفع (يكون) ، ولم يذكره الرواة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 390 ] ويهديهم إليه صراطا مستقيما : نصب (صراطا) بإضمار فعل دل عليه (ويهديهم) ، التقدير : ويعرفهم صراطا مستقيما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : هو مفعول ثان، على تقدير : ويعرفهم إلى ثوابه صراطا مستقيما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو حال من (إليه) ، والهاء في (إليه) : قيل : هي للقرآن، وقيل: للفضل، وقيل: للرحمة والفضل; لأنهما بمعنى الثواب، وقيل : هي لله ـ عز وجل ـ على حذف المضاف، كما تقدم من أن المعنى: (ويهديهم إلى ثوابه) .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : الهاء راجعة إلى ما تقدم من اسم الله عز وجل، والمعنى : (ويهديهم إلى صراطه) ، فإذا جعلنا (صراطا مستقيما) نصبا على الحال; كانت الحال من هذا المحذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (فإن كانتا اثنتين) : ثني الضمير في (كانتا) حملا على معنى (من) ، التقدير: (فإن كان من ترك اثنتين) ، قاله الأخفش، فقيل له: أليس خبر (كان) يفيد معنى ليس في اسمها؟ فما الذي أفاده الخبر ههنا مما لم يفده الاسم؟ فقال: إنما أراد: فإن كان من ترك اثنتين فصاعدا، ثم أضمر (من) على معناها، فبإضماره (من) على معناها أفاد ما أراد.

                                                                                                                                                                                                                                      المازني: أنا أقول: إن الخبر أفاد ما لم يفد الاسم; لأنه لما قال: (كانتا) ; [ ص: 391 ] كان يجوز أن تكونا صغيرتين أو كبيرتين، فلما قال: (اثنتين) ; اشتمل على الصغير والكبير، فأدى معنى.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن كانوا إخوة رجالا ونساء : رجالا ونساء : خبر (كان) ، وقال: (نساء) ; لأن الإخوة يراد بهم: الإخوة والأخوات، على تغليب لفظ التذكير، فجاء الخبر على ما كان في الأصل، كأنه قال: إن كان الأنسباء رجالا ونساء، والأنسباء يكونون إخوة وأخوات.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية