الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      هذا لفظ عموم، وقد خص منه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشياء اختلف العلماء في بعضها; فمن ذلك: ما يكون فيه القطع; فمذهب مالك ، والشافعي، وغيرهما: أن أقله ربع دينار، ومذهب أبي حنيفة ، وغيره: أن أقله عشرة دراهم، والمذهبان مرويان عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 437 ] مالك: ويقطع إن سرق ثلاثة دراهم، وإن كانت أقل من ربع دينار، ولا يقطع في درهمين، وإن كانا ربع دينار.

                                                                                                                                                                                                                                      عثمان البتي : يقطع في درهم فما فوقه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثر العلماء: على أن القطع إنما يجب على من سرق من حرز، وخرج به منه، وروي عن الحسن: أنه إذا جمع المتاع في البيت يقطع، وإن لم يخرجه، وقد بسطت في "الكبير"، جملة من هذا الباب.

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثر العلماء : على أن التوبة لا تسقط القطع عن السارق، وقال الشافعي: (يسقط عند التوبة القطع; قياسا على المحارب.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 438 ] ومذهب مالك ، وأهل المدينة، والشافعي في ترتيب القطع: أنه إذا سرق; قطعت يده اليمنى، ثم إن سرق; قطعت رجله [اليسرى، ثم إن سرق; قطعت يده اليسرى، ثم إن سرق; قطعت رجله] اليمنى، ثم إن سرق; عزر وحبس.

                                                                                                                                                                                                                                      علي رضي الله عنه: لا يقطع إلا يد ورجل; إذا سرق قطعت يده اليمنى أولا، ثم إن سرق; قطعت رجله اليسرى، ثم إن سرق حبس ولم يقطع، وروي ذلك عن ابن عباس ، وعمر بن عبد العزيز، وهو مذهب حماد بن أبي سليمان، وابن حنبل، وروي نحوه عن عطاء، وعنه أيضا: لا يقطع في السرقة إلا اليد الأولى فقط، والترتيب المتقدم من مذهب مالك مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: أنهما قطعا في السرقة اليد بعد اليد والرجل، ثم لم يوجبا [ ص: 439 ] قطع الرجل الباقية .

                                                                                                                                                                                                                                      والقطع في اليد والرجل من المفصل، روي ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهما، وهو مذهب مالك ، والشافعي، وأكثر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن علي رضي الله عنه: أن الرجل تقطع من شطر القدم، ويترك العقب.

                                                                                                                                                                                                                                      إسحاق : تقطع اليد من الرسغ، والرجل من المفصل، ويحسم السارق إذا قطع، والله أعلم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية