الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يقر بوطء أمة في مرضه فجاءت بولد لما يشبه أن يكون من وطء السيد أيلزمه أم لا قلت : أرأيت إن أقر رجل في مرضه أن هذه الأمة حملها منه وأقر بولد أمة له أخرى فقال : ولدها مني وقال في أمة له أخرى : قد وطئتها ولم يذكر الاستبراء بعد الوطء ، وكل هذا في مرضه فجاءت هذه التي أقر بوطئها بولد يشبه أن يكون من وطء السيد قال : يلزم الولد في هؤلاء كلهم وأمهاتهم أمهات أولاد وتعتق أمهات الأولاد من جميع المال وإن لم يكن له مال سواهن فهم أحرار وأمهاتهم أمهات أولاد عند مالك ويعتقن .

                                                                                                                                                                                      قال : وهذا كله قول مالك ، قال : وسألت مالكا عن الرجل يقر عند موته بالجارية أنها ولدت منه ولا يعلم ذلك أحد إلا بقوله أترى أن يصدق في ذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فقال لي مالك : إن كان الرجل ورثته كلالة إنما هم عصبة ليسوا هم ولده فلا أرى أن يقبل قوله إلا ببينة تثبت على ما قال ، وإن كان له ولد رأيت أن يعتق .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلت لمالك : أفمن رأس المال أم من الثلث ؟ فقال : لا ، بل من رأس المال .

                                                                                                                                                                                      قال : فقلت لمالك : فالذي ورثته كلالة إنما هم عصبة ليسوا ولدا أفلا ترى أن تعتق في الثلث ؟ قال : لا ، وهذه أمة إلا أن يكون لها على ما قال بينة .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا إذا لم يكن مع الأمة ولد يدعيه السيد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان مع الأمة ولد يدعيه السيد جاز قوله في ذلك وكانت أم ولده في قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت قول مالك إذا كان ورثته كلالة لم يصدق إذا قال في جارية له عند موته : أنها أم ولده أيجعل مالك الإخوة والأخوات كلالة في هذا الوجه أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : الإخوة والأخوات عند مالك هو كلالة في غير هذا الموضع ، وإنما قال مالك الذي أخبرتك مبهما قال لنا : إن كان ورثته كلالة فالأخ والأخت ههنا في أمر هذه الجارية التي [ ص: 531 ] أقر بها أنها ولدت منه بمنزلة الكلالة لا يصدق إذا كان ورثته إخوة أو أخوات .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وقد قال : إذا أقر في مرضه لجارية بأنها ولدت منه وليس معها ولد كان ورثته كلالة أو ولدا فلا عتق لها من ثلث ولا من رأس المال ، وإنما قوله : قد ولدت مني ولا ولد معها يلحق نسبه مثل قوله : هذا العبد قد كنت أعتقته في صحتي فلا يعتق في ثلث ولا في رأس مال لأنه أقر ، وقد حجب عن ماله إلا من الثلث ولم يرد به الوصية ولا يكون في الثلث إلا ما أريد به الوصية أو فعله في المرض وليس له أن يعتق من رأس ماله في مرضه وقد قال أبو بكر لعائشة : لو كنت حزته لكان لك ولكنه اليوم مال وارث وهذا كله قول مالك وأكثر الرواة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية