الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2032 - مسألة : شج إنسانا فذهب بصره فقال : كان أعمى ؟ قال علي : روينا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا زيد بن الحباب عن سفيان الثوري عن خالد النيلي عن الحكم بن عتيبة ، وحماد بن أبي سليمان ، أنهما قالا في رجل شج رجلا فذهبت عينه - من غير تلك الشجة - فقال الحكم : إن شهدوا أنها ذهبت من الضربة فهو جائز ، وقال حماد : إن شهدوا أنه ضربه - يوم ضربه - وهي صحيحة ، فهو جائز .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وإن كان صحيحا فقد يمكن أن تذهب عينه من غير تلك الشجة فلا بد من الشهادة في ذلك كما قال الحكم إنها ذهبت من تلك الشجة ، فإن شهد الشهود بذلك - وكان عمدا - فالقود في ذلك من كلا الأمرين ، ومن العين ، فلا بد من إذهاب عينه ، ومن شجه كما شج .

                                                                                                                                                                                          قال علي : برهان ذلك - : قول الله تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } وهذا اعتداء منه بفعلين : شجه ، وإذهاب عينه ، فلا بد من القودين كليهما .

                                                                                                                                                                                          فإن احتجوا بما رويناه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة نا إسماعيل بن علية عن أيوب السختياني عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله { أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستقيد ، فقيل له : حتى تبرأ ، فأبى وعجل ، فاستقاد فعنتت رجله وبرئت رجل المستقاد منه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : ليس لك شيء ، قد أبيت } ؟ قلنا : هذا الخبر هو حجتنا وعمدتنا ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمره بالتأخير [ ص: 41 ] حتى يبرأ فيقاد له بما تبلغه تلك الحال التي يبرأ عليها ، فأبى ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقه ، فلما عنتت رجله - والعنت : البرء على عوج لم يمكن أن يستقيد من العوج أصلا فلا شيء له ، ولولا وجوب القود من كل ما يمكن لما كان لتأخيره معنى - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية