الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2139 - مسألة : قال أبو محمد رحمه الله : وإذا تشاح الأولياء في تولي قتل قاتل وليهم ؟ قيل لهم : إن اتفقتم على أحدكم أو على أجنبي ، فذلك لكم وإلا أقرعنا بينكم ، فأيكم خرجت قرعته تولى القصاص - وهذا قول الشافعي رحمه الله ؟ قال أبو محمد رحمه الله : برهان هذا : أنه ليس بعضهم أولى من بعض ، ولا يمكن أن يتولى القود اثنان معا ، فإذ لا بد من أحدهما ، أو من غيرهما بأمرهما - ولا سبيل إلى ثالث ، فأمر غيرهما بالقود إسقاط لحقهما معا في تولي ذلك الحكم ، والحكم هاهنا بالقرعة إسقاط لحق أحدهما ، وإبقاء لحق الآخر - ولا يجوز إسقاط حق ذي حق إلا لضرورة مانعة لا سبيل معها إلى توفية الحق ، فإذا كان ذلك سقط الحق ; لقول الله تعالى { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } .

                                                                                                                                                                                          ونحن محرم علينا منعهما من حقهما ، ونحن مضطرون إلى إسقاط حق أحدهما ، إذ لا سبيل إلى غير ذلك ، ولسنا مضطرين إلى إسقاط حقهما جميعا فلا يجوز لنا ما لم نضطر إليه فقد بطل أن نأمر غيرهما بغير رضاهما ، ولا يجوز أن نقصد [ ص: 255 ] إلى أحدهما فنسقط حقه هكذا مطارفة فيكون جورا ومحاباة ، فوجبت القرعة ولا بد ; لأن الضرورة دفعت إليها ولا يحل إيقاف الأمر حتى يتفقا ; لأن في ذلك منعهما جميعا من حقهما ، وهذا لا يجوز ، بالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية