الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 224 ] القول في قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله: وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما [الآيات: 23- 40].

                                                                                                                                                                                                                                      حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم والله غفور رحيم يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا [ ص: 225 ] يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة .عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قرينا .فساء قرينا وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما [ ص: 226 ] إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما

                                                                                                                                                                                                                                      الأحكام:

                                                                                                                                                                                                                                      لا خلاف بين العلماء في جميع ما ذكره الله ـ تعالى ـ في قوله: (حرمت عليكم أمهاتكم) ، وما عطف عليه، سوى قوله: (وأمهات نسائكم) ; فإنهم اختلفوا فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      فقال أكثرهم: إن قوله: (فإن لم تكونوا دخلتم بهن) يعني به: الربائب، لا يحرمن حتى يدخل بأمهاتهن، وإن الأم تحرم بالعقد ، دخل بالابنة أو لم يدخل، هذا مذهب مالك ، والشافعي، وأكثر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: عنى بالدخول الابنة والأم جميعا، وروي المذهبان جميعا عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال زيد بن ثابت: إن طلق الابنة طلاقا قبل أن يدخل بها; تزوج أمها وإن بانت موتا; لم يتزوج الأم.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن علي ـ رضي الله عنه ـ أيضا: أنه أجاز نكاح الربيبة وإن دخل بالأم، إذا كانت الربيبة بعيدة عنه، ولم تكن في حجره.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 227 ] وأكثر العلماء على أن الدخول الذي يحرم به نكاح الربائب: التلذذ، والقعود مقعد الجماع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعضهم: والخلوة، وإرخاء الستر، وقد روي عن ابن عباس ، وطاووس، وابن دينار: أنها لا تكون حراما إلا بالجماع.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية