الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة ست وعشرين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه تجدد في المحرم ورود العرب المتلصصة إلى أطراف البلاد في الجانب الغربي وحدث منهم أنهم إذا أسروا من أسروه أخذوا ما معه وطالبوه يفدي نفسه .

ثم ظهر قوم من العيارين ففتكوا وقتلوا ، فنهض أبو الغنائم بن علي فقتل منهم نفس فعاودوا الخروج وقتلوا رجلين ، وقاتلوا أبا الغنائم وتتابعت العملات والاستقفاء وأخذ ما يحضر من جمال السقاءين وبغالهم ، ونهض أبو الغنائم ففتك وأخذ وقتل ثم عاد الفساد ، وحصل العيارون في دور الأتراك والحواشي يخرجون منها ليلا ويقيمون [فيها] نهارا ، وسقطت الهيبة بإهمال ما أهمل من الأمر ، وكتب العيارون رقاعا يقولون فيها: إن صرف أبو الغنائم عنا حفظنا البلد وإن لم يصرف فما نترك الفساد .

واتفق أن غلاما كبس قراحا للخليفة ونهب من ثمرته فامتعض الخليفة من ذلك وكوتب الملك والوزير بالقبض على هذا الغلام وتأديبه ، فوقع التواني عن ذلك لضعف الهيبة ، فزاد غيظ الخليفة فأمر القضاة بالامتناع عن الحكم ، والفقهاء بترك الفتاوي ، والخطباء بأن لا يحضروا أملاكا ولا يعقدوا عقدا ، وعمل على إغلاق باب الجامع [ ص: 246 ] ومنع الصلاة فحمل الغلام ووكل به ، ثم أطلق وعادت الفتن ، وكثر القتل ومنع أهل سوق يحيى حمل الماء من دجلة إلى أهل باب الطاق والرصافة ، وخذل الأتراك والسلطان في هذه الأمور حتى لو حاولوا دفع فساد زاد ، وملك العيارون البلد .

وفي مستهل صفر: زاد ماء المد في دجلة البصرة حتى علا على الضياع نحو ذراعين ، وسقط بالبصرة في هذا اليوم وليلته أكثر من ألفي دار .

وفي شعبان: وصل كتاب من الأمير مسعود بن محمود بن سبكتكين بفتح فتحه بالهند ذكر فيه أنه قتل من القوم خمسين ألفا ، وسبى سبعين ألفا ، وغنم منهم ما يقارب ثلاثين ألف ألف درهم ، فرجع وقد أفسد الغزو بلاده فأوقع بهم وفتح جرجان وطبرستان .

[ووثب] أبو الحسن بن أبي البركات بن ثمال الخفاجي على عمه فقتله وأقام بإمارة بني خفاجة .

ثم اشتد أمر العيارين وكاشفوا بالإفطار في رمضان ، وشرب الخمر وارتكاب الفجور .

وفي شوال: وقع حريق في وسط العطارين احترق فيه عدة دور ودكاكين ومخازن ، ونهب العيارون من أموال الناس وما كانوا يحصلونه من منازلهم وخانباراتهم ما يزيد على عشرة آلاف دينار ، وكانت النهابة تنقل النار من موضع إلى موضع ، فتجعل ذلك طريقا إلى النهب ، وعاد القتال بين أهل المحال ، وكثرت العملات وأعيا الخرق على الراقع ، وقال الملك: أنا أركب بنفسي في هذا الأمر .

ولم يحج الناس في هذه السنة من خراسان ولا العراق .

التالي السابق


الخدمات العلمية