الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 29 - 30 ] باب الاستيلاد ( وإذا ولدت الأمة من مولاها فقد صارت أم ولد له لا يجوز بيعها ولا تمليكها ) لقوله عليه الصلاة والسلام { أعتقها ولدها } أخبر عن إعتاقها فيثبت بعض مواجبه وهو حرمة البيع ، [ ص: 31 - 33 ] ولأن الجزئية قد حصلت بين الواطئ والموطوءة بواسطة الولد فإن الماءين قد اختلطا بحيث لا يمكن الميز بينهما على ما عرف في حرمة المصاهرة ، إلا أن بعد الانفصال تبقى الجزئية حكما لا حقيقة فضعف السبب فأوجب حكما مؤجلا إلى ما بعد الموت ، [ ص: 34 ] وبقاء الجزئية حكما باعتبار النسب وهو من جانب الرجال .

فكذا الحرية تثبت في حقهم لا في حقهن ، حتى إذا ملكت الحرة زوجها وقد ولدت منه لم يعتق الزوج الذي ملكته بموتها ، وبثبوت عتق مؤجل يثبت حق الحرية في الحال فيمنع جواز البيع وإخراجها لا إلى الحرية في الحال ويوجب عتقها بعد موته ، وكذا إذا كان بعضها مملوكا له ; لأن الاستيلاد لا يتجزأ فإنه فرع النسب فيعتبر بأصله .

التالي السابق


( باب الاستيلاد ) [ ص: 30 ] لما اشترك كل من المدبر وأم الولد في استحقاق العقد وتعلقه بالموت وصل بينهما ، ولما كان التدبير أنسب بما قبله من حيث إن العتق به بإيجاب اللفظ بخلاف الاستيلاد قدمه عليه . والاستيلاد مصدر استولد : أي طلب الولد ، وهو عام أريد به خصوص ، وهو طلب ولد أمته : أي استلحاقه : أي باب بيان أحكام هذا الاستلحاق الثابتة في الأم ، وأصله استولاد ، ومثله يجب قلب واوه ياء كميعاد وميزان وميقات فصار استيلادا ، وأم الولد تصدق لغة على الزوجة وغيرها ممن لها ولد ثابت النسب وغير ثابت النسب .

وفي عرف الفقهاء أخص من ذلك وهي الأمة التي ثبت نسب ولدها من مالك كلها أو بعضها ( قوله : وإذا ولدت الأمة من مولاها فقد صارت أم ولد له ) يعني إذا ثبت نسبه منه وليس ولادتها منه مستلزما ثبوته ، ففي العبارة قصور ; وذلك لأنه لا يريد أنها إذا ولدت منه صارت أم ولد بالمفهوم اللغوي بل بالاصطلاح الفقهي ، ولذا رتب عليه الأحكام المذكورة حيث قال : لا يجوز بيعها ولا تمليكها ولا هبتها ، بل إذا مات ولم ينجز عتقها تعتق بموته من جميع المال ولا تسعى لغريم ولو [ ص: 31 ] كان السيد مديونا مستغرقا ، وهذا كله مذهب جمهور الصحابة والتابعين والفقهاء ، إلا من لا يعتد به كبشر المريسي وبعض الظاهرية فقالوا يجوز بيعها ، واحتجوا بحديث جابر قال : { بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، فلما كان عمر نهانا عنه فانتهينا } رواه أبو داود وقال الحاكم على شرط مسلم .

وأخرج النسائي عن زيد العمي إلى أبي سعيد الخدري : { كنا نبيعهن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } صححه الحاكم وأعله العقيلي بزيد العمي ، وقال النسائي : زيد العمي ليس بالقوي ، ونقل هذا المذهب عن الصديق وعلي وابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن الزبير رضي الله عنهم ، لكن عن ابن مسعود بسند صحيح وابن عباس : تعتق من نصيب ولدها ، ذكره ابن قدامة ، فهذا يصرح برجوعهما على تقدير صحة الرواية الأولى عنهما . واستدل بعضهم للجمهور بما في حديث أبي داود من طريق محمد بن إسحاق عن خطاب بن صالح عن أمه { عن سلامة بنت معقل امرأة من خارجة قيس عيلان ، وذكر البيهقي أنه أحسن شيء روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا قالت قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ثم هلك ، فقالت امرأته : الآن والله تباعين في دينه ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني امرأة من خارجة قيس عيلان قدم بي عمي المدينة في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن فمات فقالت لي امرأته الآن والله تباعين في دينه ، فقال عليه الصلاة والسلام : من ولي الحباب ؟ قيل أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو ، فبعث إليه فقال : أعتقوها ، فإذا سمعتم برقيق قدم علي فأتوني أعوضكم ، قالت : فأعتقوني وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق فعوضهم مني غلاما } .

ولا يخفى أن هذا لا يدل على أنها تعتق بمجرد موته ، بل على أنه سألهم أن يعتقوها ويعوضهم لما استرقت قلبه عليه الصلاة والسلام ، بل يفيد أنها لا تعتق وإلا لبين الحكم الشرعي في ذلك من أنها عتقت ولم يأمرهم بعتقها بعوض يقوم هو عليه الصلاة والسلام به لهم . نعم يحتمل أن يراد بأعتقوها خلوا سبيلها كما فسره البيهقي ، وأن العوض من باب الفضل منه عليه أفضل الصلاة والسلام لكن هذا احتمال غير الظاهر والعبرة للظاهر فلا يصار إلى هذا إلا بدليل من خارج يوجبه ويعينه ، فمن ذلك ما ذكر المصنف { عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : يعني في مارية القبطية رضي الله عنها أعتقها ولدها } وهو حديث رواه ابن ماجه عن ابن عباس قال : { ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أعتقها ولدها } وطريقه معلول بأبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن عباس ، وبسند ابن ماجه رواه ابن عدي في الكامل لكن أعله بابن أبي سبرة فقط ، فإنه يرى أن حسينا ممن يكتب حديثه .

وأخرج ابن ماجه أيضا عن شريك عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته } ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ، وهذا توثيق لحسين بن عبد الله . ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا زهير ، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، حدثنا أبي عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم قال : { أيما أمة ولدت من سيدها فإنها [ ص: 32 ] حرة إذا مات إلا أن يعتقها قبل موته } ورواه أحمد عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم : { أيما رجل ولدت منه أمته فهي معتقة عن دبر منه } والطرق كثيرة في هذا المعنى ولذا قال الأصحاب : إنه مشهور تلقته الأمة بالقبول ، وإذ قد كثرت طرق هذا المعنى وتعددت واشتهرت فلا يضره وقوع راو ضعيف فيه مع أن ابن القطان قال في كتابة : وقد روي بإسناد جيد ، قال قاسم بن أصبغ في كتابه : حدثنا محمد بن وضاح ، حدثنا مصعب بن سعد أبو خيثمة المصيصي : حدثنا عبد الله بن عمرو هو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال { لما ولدت مارية القبطية إبراهيم قال صلى الله عليه وسلم : أعتقها ولدها } ومن طريق ابن أصبغ رواه ابن عبد البر في التمهيد ، ومما يدل على صحة حديث أعتقها ولدها ما قال الخطابي ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال { إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة } فلو كانت مارية مالا بيعت وصار ثمنها صدقة .

وعنه عليه الصلاة والسلام { أنه نهى عن التفريق بين الأولاد والأمهات } وفي بيعهن تفريق . وإذا ثبت قوله " أعتقها إلخ " وهو متأخر إلى الموت إجماعا وجب تأويله على مجاز الأول ، فيثبت في الحال بعض مواجب العتق من امتناع تمليكها . وروى الدارقطني عن يونس بن محمد عن عبد العزيز بن مسلم بن عبد الله بن دينار عن ابن عمر { أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات الأولاد فقال : لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن ، يستمتع بها سيدها ما دام حيا . فإذا مات فهي حرة } ثم أخرجه بسند فيه عبد الله بن جعفر عن عبد الله بن دينار ، وأعله ابن عدي بعبد الله بن جعفر بن نجيح المديني وأسند تضعيفه عن النسائي وغيره ، ولينه هو وقال : يكتب حديثه ، ثم أخرجه عن أحمد بن عبد الله العنبري : حدثنا معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن عمر موقوفا عليه ، وأخرجه أيضا عن فليح بن سليمان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر موقوفا ، قال ابن القطان : هذا حديث عن عبد العزيز بن مسلم القسملي وهو ثقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر واختلف عنه فقال عنه يونس بن محمد ، وهو ثقة وهو الذي رفعه . وقال عنه يحيى بن إسحاق وفليح بن سليمان عن عمر : لم يتجاوزوه ، وكلهم ثقات ، وهذا كله عند الدارقطني ، وعندي أن الذي أسنده خير ممن وقفه .

وأخرج مالك في الموطإ عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال : " أيما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها ولا يهبها ولا يورثها وهو يستمتع منها فإذا مات فهي حرة " وهكذا رواه سفيان الثوري وسليمان بن بلال وغيرهما عن عمر موقوفا . وأخرج الدارقطني من حديث عبد الرحمن الإفريقي كان غير حجة فقد تقدم ما يعضد رفعه مع ترجيح ابن القطان فثبت الرفع بما قلنا ، ولا شك في ثبوت وقفه على عمر وذكر محمد في الأصل حديث سعيد بن المسيب قال : { أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتق أمهات الأولاد من غير الثلث وقال لا يبعن في دين } وعدم مخالفة أحد لعمر حين أفتى به وأمر فانعقد إجماع الصحابة على عدم بيعهن ، فهذا يوجب أحد الأمرين : إما أن ما كان من بيع أمهات الأولاد في زمنه صلى الله عليه وسلم لم يكن بعلمه [ ص: 33 ] وإن كان مثل قول الراوي : كنا نفعل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمه الرفع لكن ظاهرا لا قطعا ، فإذا قام دليل في خصوص منه على عدمه وجب اعتباره .

وإما أنه كان بعلمه وتقريره ثم نسخ ولم يظهر الناسخ لأبي بكر رضي الله عنه لقصر مدته مع اشتغاله فيها بحروب مسيلمة وأهل الردة ومانعي الزكاة ثم ظهر بعده كما عن ابن عمر : كنا نخابر أربعين سنة ولا نرى بذلك بأسا حتى أخبرنا رافع بن خديج { أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة فتركناها } وأيا ما كان وجب الحكم الآن بعدم جواز بيعهن . هذا إذا قصرنا النظر على الموقوف ، فأما بملاحظة المرفوعات المتعاضدة فلا شك .

ومما يدل على ثبوت ذلك الإجماع ما أسنده عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال : سمعت عليا يقول : اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن ، ثم رأيت بعد ذلك أن يبعن فقلت له : فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة فضحك علي . واعلم أن رجوع علي رضي الله عنه يقتضي أنه يرى اشتراطا انقراض العصر في تقرر الإجماع والمرجح خلافه .

وسئل داود عن بيع أم الولد فقال : يجوز ; لأنا اتفقنا على جواز بيعها قبل أن تصير أم ولد فوجب أن يبقى كذلك . إذ الأصل في كل ثابت دوامه واستمراره . وكان أبو سعيد البردعي حاضرا فعارضه فقال : قد زالت تلك الحالة بالاتفاق وامتنع بيعها لما حبلت بولد سيدها ، والأصل في كل ثابت دوامه فانقطع داود وكان له أن يجيب ويقول : الزوال كان بمانع عرض وهو قيام الولد الحر في بطنها وزال بانفصاله فعاد ما كان فيبقى إلى أن يثبت المزيل .

( قوله : ولأن الجزئية قد حصلت بين الواطئ والموطوءة بواسطة الولد ، فإن الماءين ) اللذين خلق منهما ( قد اختلطا ) وهو جزؤهما بحيث لا تمييز ، وهذه الجزئية ، وإن زالت بانفصال الولد لكنها بقيت حكما ولم تنقطع لأن تلك الجزئية أوجبت نسبتها إليه بواسطة الولد وبالانفصال تقرر ذلك حتى قيل أم ولده فقد بقي أثرها شرعا ، وإليه أشار عمر فيما رواه محمد بن قارب قال : اشترى ابني أمة من رجل قد أسقطت منه فأمر عمر بردها وقال : أبعد ما اختلطت لحومكم بلحومهن ودماؤكم بدمائهن ؟ إلا أن السبب يضعف بالانفصال ( فأوجب حكما مؤجلا إلى الموت ) ولما ورد على هذا التقرير أن مقتضاه أن المرأة الحرة [ ص: 34 ] لو ملكت زوجها العبد بعدما ولدت له أنه يعتق بموتها ; لأن النسبة الكائنة بتوسط الولد مشتركة بينهما لكل من الأم والأب قسط منها .

أجاب المصنف بقوله إن بقاء الجزئية حكما بعد الانفصال إنما هو باعتبار النسب ; لأنه لم يبق بعد الانفصال سواه ، والنسب إلى الرجال : أي إلى الآباء لا إلى الأمهات . ( فكذا الحرية ) التي تبتنى على النسب بالحاء المهملة لا بالجيم تثبت للنساء في حق الرجال ; لأن النسب إليهم فتفرع عليه أن الحر لو تزوج أمة فولدت له ثم اشتراها صارت أم ولد له تعتق بموته دون العكس إذ ليس النسب إليهن ، فلو ملكت الحرة زوجها العبد بعد ما ولدت له لا يعتق بموتها ولما تعلق بالآخرة بالنسب لم تثبت الأمومة بدونه ، فلو ولدت أمة لرجل بزنا ثم ملكها لا تكون أم ولد له فلا تعتق بموته .

وأورد عليه ما ذكره في دعوى الأصل : أمة بين رجلين ولدت ولدا فقال كل منهما لصاحبه هو ابنك لا يكون ابن واحد منهما وهو حر وأمه بمنزلة أم الولد موقوفة لا يملكها واحد منهما فقد ثبتت الأمومة بلا ثبوت نسب . أجيب بأنه قد ثبت النسب في الجملة ، فإنهما اتفقا على ثبوت نسبه ولذا كان حرا فلم تثبت دون نسب . والحق أن ثبوت الأمومة في نفس الأمر لا يكون إلا تابعا لثبوت النسب ، وأما ثبوته ظاهرا في القضاء فبكل من ثبوت نسب الولد والإقرار به ، وإن لم يثبت لما سيجيء فيما إذا ادعى ولد أم ولده المزوجة ( قوله وبثبوت عتق إلخ ) يعني قد ثبت مما ذكرنا أنه يثبت لها عتق مؤجل ، ويلزم من ثبوت عتقها مؤجلا أن يثبت لها في الحال حق العتق فيمتنع بيعها وإخراجها إلا إلى الحرية .

ولقائل أن يقول : ثبوت العتق المؤجل إلى أجل معلوم ثابت في قوله إذا جاء رأس الشهر فأنت حر ومع ذلك لم يمتنع البيع فله أن يبيعه قبله ، ولم يلزم من ثبوت العتق إلى أجل معلوم الوقوع ثبوت استحقاقها في الحال بل عند حلول الأجل . فالحق أن استحقاقها في الحال للعتق عند الموت ليس إلا حكم النص ، حيث صرح النص بأنهن لا يبعن ولا يوهبن لمعنى الجزئية التي أشار إليها عمر رضي الله عنه ( قوله : وكذا إذا كان بعضها مملوكا له والبعض الآخر مملوكا لغيره ) بأن كانت مشتركة بين اثنين فادعى أحدهما ولدها ثبت نسبه وتصير أم ولد له ، فهذان حكمان وقع التشبيه في أحدهما ، وهو أمومة الولد ; لأنه لم يسبق لثبوت النسب ذكر فقصر التعليل عليه وهو قوله : ( لأن الاستيلاد لا يتجزأ ) أي فيما يمكن نقل الملك فيه وهي القنة فتصير كلها أم ولد له ويضمن قيمة نصيب شريكه له ، بخلاف ما إذا وقع فيما [ ص: 35 ] لا يقبل النقل كالمدبرة فإنه يتجزأ ضرورة عدم قبوله للنقل فيقتصر بالضرورة .

فلذا قدم في باب العبد يعتق بعضه أنه لو استولد نصيبه من مدبرة يقتصر عليه فلا تناقض فصار الحاصل أن الاستيلاد لا يتجزأ : أي لا يكون معه بعض المستولدة مملوكا لغير المستولد إلا لضرورة ; لأنه مبني على ثبوت النسب وهو لا يتجزأ . وأما احتمال أن يكون فيه روايتان فبعيد فلذا لما قال المصنف : إنه يتجزأ في باب العبد يعتق بعضه لم يجعل أثره إلا فيما إذا استولد نصيبه من مدبرة ، وأما تعليل ثبوت النسب فإنما هو بوجود الدعوة في المملوكة والاتفاق على أن ملك البعض يكفي لصحة الاستيلاد .




الخدمات العلمية