الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في ولاء العبد النصراني يعتقه النصراني فيسلم المعتق ويهرب السيد إلى دار الحرب فيسبيه المسلمون قلت : أرأيت لو أن رجلا من النصارى من أهل الذمة أعتق عبيدا له وهم نصارى [ ص: 568 ] ثم أسلم العبيد الذين أعتق فهرب السيد إلى دار الحرب ونقض العهد ثم ظهر عليه أهل الإسلام بعد ذلك فسبوه ثم أسلم ، أيرجع إليه ولاء عبيده الذين أعتق وهو عبد إلا أنه قد أسلم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم يرجع إليه ولاء عبيده حين أسلم ولا يرثهم إلا أن يعتق .

                                                                                                                                                                                      قلت : فهل يرث هؤلاء الموالي سيده الذي هو له ما دام العبد في الرق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولا يشبه هذا مكاتب المكاتب إذا أدى المكاتب الثاني كتابته قبل الأول ثم مات على مال . قال : نعم لا يشبهه ، لأن مكاتب المكاتب إنما كاتبه المكاتب الأعلى وهو مكاتب لسيده وهؤلاء أعتقهم هذا العبد يوم أعتقهم وهو حر إلا أن الرق مسه بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أعتق السيد هذا العبد أيكون ولاؤهم لهذا العبد المعتق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      قلت : ويجر ولاؤهم إلى سيده الذي أعتقه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن ولاءهم حين أعتقهم السيد لو أن سيدهم أسلم وهو عبد كان ولاؤهم لجميع المسلمين ، وإن لم يسلم أيضا فهو لجميع المسلمين فهو في الحالين جميعا لجميع المسلمين فلا ينتقل ذلك عن المسلمين بالرق الذي أصابه ولكنه إن أعتق هو نفسه فهم مواليه لأنه هو أعتقهم ولا يجر ولاءهم إلى مواليه ولا ينقلهم عن أهل الإسلام .

                                                                                                                                                                                      قال : وكذلك ولده الذين أسلموا قبل أن يؤسر أنه لا يجر ولاءهم لأن ولاءهم قد ثبت لجميع المسلمين ولكن ما أعتق بعد عتق السيد إياه أو ولد له بعد ذلك في حال الرق من ولد فإن ولاء هؤلاء للسيد الذي أعتق العبد .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية