الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

عمرو بن العاص (القائد المسلم والسفير الأمين) [الجزء الأول]

اللواء الركن / محمود شيت خطاب

6- في إفـريقيـة [1]

تولى عثمان بن عفان الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، وذلك سنة أربع وعشرين الهجرية [2] .

وكان عمرو قد استأذن عمر بن الخطاب في غزو إفريقية، فلم يوافق عمر على فتحها كما ذكرنا، وكان عمرو قد بعث بعثا قبل سنة خمس [ ص: 134 ] وعشرين الهجرية إلى المغرب ، فأصابوا غنائم، فكتب إلى عثمان يستأذنه في الغزو إلى إفريقية، فأذن له [3] ، أي أن هـذا البعث إلى إفريقية كان سنة أربع وعشرين الهجرية كما يبدو، أي بعد تولية عثمان الخلافة.

وفي سنة خمس وعشرين الهجرية، سير عمرو بن العاص إلى أطراف إفريقية عبد الله بن سعد بن أبي سرح غازيا بأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح من جند مصر ، ولما سـار عبد الله إليها، أمده عمرو بالجنود، فغنم هـو وجنده، وعاد عبد الله إلى مصر، فكتب إلى عثمان، يستأذنه في غزو إفريقية، فأذن له في ذلك [4] .

وكانت قوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح على الخيل [5] ، أي أنها كانت مؤلفة من الفرسان سريعي الحركة، فكانت غزوته هـذه غزوة استطلاعية، مهدت له السبيل لفتح إفريقية [6] ، بعد أن تولى مصر، خلفا لعمرو بن العاص، سنة خمس وعشرين الهجرية [7] ، [ ص: 135 ] أو في سنة ست وعشرين الهجرية [8] ، أو في سنة سبع وعشرين الهجرية [9] .

وقد ذكرنا من قبل، أن عمرو بن العاص ، كان أول من فكر بفتح إفريقية من القادة المسلمين، وذلك لحماية ليبيا من تعرض الروم وحلفائهم، بالمسلمين الذين فتحوا طرابلس والبلاد التي حولها من جهة إفريقية، لأن الروم حينذاك كانوا هـناك، وكان المسلمون يخشون تعرضا بريا من الغرب باتجاه طرابلس، لاستعادة ليبيا من المسلمين، ولكن عمر بن الخطاب ، كان يحرص غاية الحرص على أرواح المسلمين، ولا يحب أن يعرض المسلمين للأخطار.

إلا أن الأحداث بعد مقتل عمر بن الخطاب ، وتولي عثمان بن عفان الخلافة، فرضت نفسها على المسلمين، نظرا لمحاولة الروم وحلفائهم استرداد ليبيا بمهاجمتها برا وبحرا، فسمح عثمان للمسلمين بفتح إفريقية. [ ص: 136 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية