الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (75) قوله تعالى: أن يؤمنوا لكم . .

                                                                                                                                                                                                                                      ناصب ومنصوب، وعلامة النصب حذف النون، والأصل: في أن، فموضعها نصب أو جر على ما عرف غير مرة، وعدى "يؤمنوا" باللام لتضمنه معنى أن يحدثوا الإيمان لأجل دعوتكم، قاله الزمخشري وقد تقدم تحقيقه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وقد كان الواو للحال.

                                                                                                                                                                                                                                      قال بعضهم: وعلامتها أن يصلح موضعها "إذ" والتقدير: أفتطمعون في إيمانهم والحال أنهم كاذبون محرفون لكلام الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      و"قد" مقربة للماضي من الحال سوغت وقوعه حالا، و"يسمعون" خبرا لكان، و"منهم" في محل رفع صفة لـ(فريق)، أي: فريق كائن منهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعضهم: يسمعون في محل رفع صفة لـ(فريق)، و"منهم" في محل نصب خبرا لكان، وهذا ضعيف.

                                                                                                                                                                                                                                      والفريق اسم جمع لا واحد له من لفظه كرهط وقوم، وكان وما في حيزها في محل نصب على ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ: (كلم الله) وهو اسم جنس واحده كلمة، وفرق النحاة بين الكلام والكلم، بأن الكلام شرطه الإفادة، والكلم شرطه التركيب من ثلاث [ ص: 441 ] فصاعدا؛ لأنه جمع في المعنى، وأقل الجمع ثلاثة، فيكون بينهما عموم وخصوص من وجه، وتحقيق هذا مذكور في كتبهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وهل الكلام مصدر أو اسم مصدر؟ خلاف.

                                                                                                                                                                                                                                      والمادة تدل على التأثير، ومنه الكلم وهو الجرح، والكلام يؤثر في المخاطب قال:


                                                                                                                                                                                                                                      553 - . . . . . . . . . . . وجرح اللسان كجرح اليد



                                                                                                                                                                                                                                      ويطلق الكلام لغة على الخط والإشارة كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      554 - إذا كلمتني بالعيون الفواتر     رددت عليها بالدموع البوادر



                                                                                                                                                                                                                                      وعلى النفساني، قال الأخطل:


                                                                                                                                                                                                                                      555 - إن الكلام لفي الفؤاد وإنما     جعل اللسان على الفؤاد دليلا



                                                                                                                                                                                                                                      قيل: ولم يوجد هذا البيت في ديوان الأخطل، وأما عند النحويين فلا يطلق إلا على اللفظ المركب المفيد بالوضع.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: من بعد ما عقلوه متعلق بـ يحرفونه .

                                                                                                                                                                                                                                      والتحريف: الإمالة والتحويل، و"ثم" للتراخي: إما في الزمان أو الرتبة، و"ما" يجوز أن تكون موصولة اسمية أي: ثم يحرفون الكلام من بعد المعنى الذي فهموه وعرفوه، ويجوز أن تكون مصدرية والضمير في "علقوه" يعود حينئذ على الكلام، أي من بعد تعقلهم إياه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وهم يعلمون جملة حالية، وفي العامل فيها قولان، أحدهما: عقلوه ولكن يلزم منه أن تكون حالا مؤكدة، [ ص: 442 ] لأن معناها قد فهم من قوله "علقوه" والثاني: - وهو الظاهر - أنه يحرفونه، أي يحرفونه حال علمهم بذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية