الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه الرابع: أن يقال: قوله: إما متقومة بما يعقل وإما عارض لها أن يعقل.

يقال له: بعد أن ذكرنا أن هذا التقسيم باطل، أي تقسيم الصفة اللازمة إلى مقوم وعارض باطل، وأن علمه لازم لذاته.

هب أن الأمر كذلك، فلم قلت: إن العلم لا يكون ذاتيا على اصطلاحكم؟

فإذا قال: يلزم من ذلك أن يكون مركبا من الصفات الذاتية والمركب مفتقر إلى جزئه. [ ص: 18 ]

قيل: هذا أصل حجتكم على نفي الصفات، وقد بين فساده من غير وجه. وهذه الحجة لا تختص العلم، بل ينفون بها جميع الصفات، وهي من أفسد الحجج، كما قد بين غير مرة، وإن كانت قد أشكلت على طوائف من النظار، وقادتهم إلى أقوال من أقوال أهل النار، وقد تبين فسادها من جهة أن هذا ليس بتركيب في الحقيقة، بل هو اتصاف ذات بصفات لازمة لها، وأن لفظ الجزء ليس المراد به اجتماع بعد افتراق، ولا إمكان افتراق ولا انفصال شيء من شيء، وإنما المراد به ثبوت معان متعددة، وهذا مورد النزاع، ولا دليل على نفيه، بل على ثبوته.

ولفظ الافتقار يراد به التلازم، وهو هنا حق لا محذور فيه. ويراد به افتقار المعلول إلى علة فاعلة، وهو باطل. وإذا أريد به افتقار الصفة إلى محلها، ويسمونه هم افتقار المعلول إلى علة قابلة، فهذا لا محذور فيه.

ولفظ الغيرين يراد به المتباينان، وهو هنا ممتنع.

ويراد به ما يمكن العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر، وهو حق. وثبوت هذا الغير لا بد منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية