الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
16 - وإذا توقف الإمام أحمد رضي الله عنه في مسألة تشبه مسألتين ، فأكثر أحكامهما مختلفة : فهل يلحق بالأخف ، أو بالأثقل ، أو يخير المقلد بينهما ؟ فيه ثلاثة أوجه وأطلقهن في الرعاية الكبرى ، وآداب المفتي والمستفتي ، والحاوي الكبير ، والفروع قال في الرعاية ، وآداب المفتي ، والحاوي : الأولى العمل بكل منهما لمن هو أصلح له والأظهر عنه هنا : التخيير وقالا : ومع منع تعادل الأمارات وهو قول أبي الخطاب فلا وقف ، ولا تخيير ، ولا تساقط .

17 - وإن أشبهت مسألة واحدة : جاز إلحاقها بها ، إن كان حكمها أرجح من غيره قاله في الرعاية ، والحاوي .

18 - وما انفرد به بعض الرواة ، وقوي دليله : فهو مذهبه قدمه في الرعايتين ، وآداب المفتي واختاره ابن حامد ، وقال : يجب تقديمها على سائر الروايات ; لأن الزيادة من العدل مقبولة في الحديث عند الإمام أحمد رضي الله عنه ، فكيف ؟ والراوي عنه ثقة ، خبير بما رواه ، وقيل : لا يكون مذهبه بلى ما رواه جماعة بخلافه أولى [ ص: 247 ] واختاره الخلال وصاحبه لأن نسبة الخطأ إلى الواحد أولى من نسبته إلى الجماعة والأصل : اتحاد المجلس .

قلت : وهذا ضعيف ولا يلزم من ذلك خطأ الجماعة وأطلقهما في الفروع .

19 - وما دل عليه كلامه : فهو مذهبه ، إن لم يعارضه أقوى منه قاله في الرعايتين ، والفروع ، وآداب المفتي .

20 - وقوله " لا ينبغي " أو " لا يصلح " أو " استقبحه " أو " هو قبيح " [ لصفة الروايات المنقولة عن الإمام أحمد رضي الله عنه ] أو " لا أراه " للتحريم قاله الأصحاب قال في الفروع : وقد ذكروا أنه يستحب فراق غير العفيفة واحتجوا بقول الإمام أحمد رضي الله عنه : لا ينبغي أن يمسكها وسأله أبو طالب : يصلي إلى القبر ، والحمام ، والحش ؟ قال : لا ينبغي أن يكون لا يصل إليه قلت : فإن كان ؟ قال : يجزيه ونقل أبو طالب فيمن قرأ في الأربع كلها بالحمد وسورة ؟ قال : لا ينبغي أن يفعل وقال في رواية الحسن بن حسان في الإمام وفي الأولى ويطول في الأخيرة : لا ينبغي ذلك [ ص: 248 ] قال القاضي : كره الإمام أحمد رضي الله عنه ذلك ، لمخالفته للسنة قال في الفروع : فدل على خلاف .

21 - وقال في الرعاية : وإن قال " هذا حرام " ثم قال " أكرهه " أو " لا يعجبني " فحرام وقيل : يكره .

22 - وفي قوله " أكره " أو " لا يعجبني " أو " لا أحبه " أو " لا أستحسنه " أو " يفعل السائل كذا احتياطا " وجهان وأطلقهما في الفروع وأطلقهما في آداب المفتي ، في " أكره كذا " أو " لا يعجبني " أحدهما : هو للتنزيه قدمه في الرعاية الكبرى ، والحاوي ، في غير قوله " يفعل السائل كذا احتياطا " وقدمه في الرعاية الصغرى في قوله " أكره كذا " أو " لا يعجبني .

وقال في الرعاية ، والحاوي : وإن قال " يفعل السائل كذا ، احتياطا " فهو واجب وقيل : مندوب انتهوا والوجه الثاني : أن ذلك كله للتحريم اختاره الخلال ، وصاحبه ، وابن حامد ، في قوله " أكره كذا " أو " لا يعجبني " وقال في الرعايتين ، وآداب المفتي ، والحاوي : والأولى النظر إلى القرائن في الكل انتهيا .

23 - وقوله " أحب كذا " أو " يعجبني " أو " هذا أعجب إلي " للندب على الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل : للوجوب [ ص: 249 ] اختاره ابن حامد في قوله " أحب إلي كذا " وقيل : وكذا قوله " هذا أحسن " أو " حسن " قاله في الفروع قلت : قطع في الرعاية الكبرى ، والحاوي الكبير : أن قوله " هذا أحسن " أو " حسن " ك " أحب كذا " ونحوه وقال ابن حامد : أستحسن شيئا ، أو قال " هو حسن " فهو للندب وإن قال " يعجبني " فهو للوجوب .

24 - وقوله " لا بأس " أو " أرجو أن لا بأس " للإباحة .

25 - وقوله " أخشى " أو " أخاف أن يكون " أو " لا يكون " ظاهر في المنع قاله في الرعايتين ، والحاوي ، وقدماه واختارهابن حامد ، والقاضي قال في آداب المفتي والمستفتي ، والفروع : فهو ك " يجوز " أو " لا يجوز " انتهى .

وقيل : بالوقف .

26 - وإن أجاب في شيء ثم قال في نحوه " هذا أهون " أو " أشد " أو " أشنع " فقيل : هما عنده سواء واختاره أبو بكر عبد العزيز ، والقاضي وقيل : بالفرق قلت : وهو الظاهر واختاره ابن حامد في تهذيب الأجوبة وأطلقهما في الرعاية ، والفروع قال في الرعاية ، قلت : إن اتحد المعنى ، وكثر التشابه : فالتسوية أولى ، وإلا فلا

التالي السابق


الخدمات العلمية