الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1293 - قول عمر بن الخطاب [رضي الله عنه ] :

" ما فتح الله عز وجل الدينار والدرهم أو الذهب والفضة على قوم إلا سفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم " مما روي عنه وعن غيره من السلف في هذا المعنى .

فوجه ذلك كله عند أهل العلم والفهم في المال المكتسب من الوجوه التي حرمها الله ولم يبحها ، وفي كل مال ما لم يطع الله جامعه في كسبه ، وعصى ربه من أجله وبسببه ، [ ص: 713 ] واستعان به على معصية الله وغضبه ، ولم يؤد حق الله وفرائضه فيه ومنه ، فذلك هو المال المذموم والكسب المشئوم ، وأما إذا كان المال مكتسبا من وجه ما أباح الله وتأدت منه حقوقه وتقرب فيه إليه بالإنفاق في سبيله ومرضاته فذلك المال محمود ، ممدوح كاسبه ومنفقه ، لا خلاف بين العلماء في ذلك ، ولا يخالف فيه إلا من جهل أمر الله ، وقد أثنى الله [تعالى ] على إنفاق المال في غير آية [من كتابه ] ، ومحال أن ينفق ما لا يكتسب .

قال الله تعالى ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى ) [الآية ] .

وقال : ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية ) .

وقال : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ) .

وقال : ( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ) الآية .

وقال : ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) .

وقال : ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) .

وقال : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له ) الآية وما في القرآن من هذا المعنى كثير ، جدا .

وكذلك السنن الصحاح كلها تنطق بهذا المعنى ، وهو الثابت عن الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية