الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        37148 - قال مالك ، في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت خطأ : إن فيها الدية كاملة .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        37149 - قال أبو عمر : في عين الأعور تصاب خطأ قولان للعلماء أحدهما : نصف الدية . والثاني : الدية كاملة .

                                                                                                                        37150 - وإليه ذهب مالك ، وأصحابه ، وجماعة من أهل المدينة ، وغيرهم من السلف .

                                                                                                                        37151 - وهو قول الليث .

                                                                                                                        [ ص: 106 ] 37152 - وروى معمر ، عن الزهري ، وقتادة ، قالا : إذا فقئت عين الأعور خطأ ، ففيها الدية كاملة ، ألف دينار .

                                                                                                                        37153 - وروى ابن جريج ، عن ابن شهاب ، في عين الأعور تفقأ خطأ ، قال : فيها الدية كاملة ، ألف دينار ، قلت : عن من ؟ قال : لم نزل نسمعه .

                                                                                                                        37154 - وقال ابن جريج - وقال ذلك ربيعة - قال ابن جريج : وحديث عن سعيد بن المسيب ، أن عمر ، وعثمان - رضي الله عنهما - قضيا في عين الأعور بالدية تامة .

                                                                                                                        37155 - وروى قتادة ، عن أبي مجلز ، عن عبد الله بن صفوان ، أن عمر بن الخطاب ، قضى في عين أعور بالدية كاملة .

                                                                                                                        37156 - ذكر عبد الرزاق ، عن عثمان بن مطر ، عن سعيد ، عن قتادة .

                                                                                                                        37157 - ورواه وكيع ، عن هشام ، عن قتادة .

                                                                                                                        37158 - وروى معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر ، قال : إذا فقئت عين الأعور ، ففيها الدية كاملة .

                                                                                                                        37159 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثني أبو أسامة ، عن سعيد ، عن قتادة [ ص: 107 ] عن أبي عياض ، أن عثمان قضى في أعور أصيب عينه الصحيحة ، بالدية كاملة .

                                                                                                                        37160 - قال : وحدثني يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، في أعور فقئت عينه ، قال : فيها الدية كاملة .

                                                                                                                        37161 - وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري ، وعثمان البتي في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت ، نصف الدية .

                                                                                                                        37162 - وهو قول عبد الله بن معقل ، وشريح القاضي ، ومسروق ، والشعبي ، وإبراهيم ، وعطاء .

                                                                                                                        37163 - ذكر عبد الرزاق ، عن ابن التيمي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي الضحى قال : سئل عبد الله بن معقل عن الرجل يفقأ عين الأعور ; فقال : ما أنا فقأت عينه الأخرى ، ليس له إلا نصف الدية .

                                                                                                                        37164 - وروى ابن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن مغفل ، أنه قال في الأعور يفقأ عين الصحيح ، قال : تفقأ عين الذي فقأ عينه .

                                                                                                                        37165 - قال : ما أنا فقأت عينه الأخرى ، قال الله عز وجل : ( العين بالعين ) [ المائدة : 45 ] .

                                                                                                                        [ ص: 108 ] 37166 - وروى الثوري ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن مسروق ، في عين الأعور تصاب ، قال : أنا أدي قتيل الله ، فيها نصف الدية ، دية عين واحدة .

                                                                                                                        37167 - والآثار عن سائر من ذكرنا في كتاب أبي بكر صحاح كلها ، إلا أنه ليس فيهم من الصحابة أحد .

                                                                                                                        37168 - وقد احتج قائلوا هذا القول ، بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في كتابه لعمرو بن حزم وغيره : " في العين خمسون " . ولم يخص أعور من غير أعور ، وبالإجماع على أن من قطع يد رجل مقطوع اليد خطأ ، أو رجله ، ليس عليه إلا دية رجل واحدة ، أو يد واحدة .

                                                                                                                        37169 - قال ابن القاسم ، عن مالك : إذا كان الرجل ذاهب السمع من إحدى أذنيه ، فضرب إنسان الأذن الأخرى ، فأذهب سمعه ، فعليه نصف الدية .

                                                                                                                        37170 - قال : وكذلك الرجلين ، واليدين ، إذا قطع إنسان الثانية منهما ، لم يكن عليه إلا نصف الدية .

                                                                                                                        37171 - قال ابن القاسم : وإنما قال ذلك مالك في عين الأعور دون غيرها .

                                                                                                                        37172 - قال أبو عمر : لم يجمعوا في اليد ، لأن الأوزاعي قال : إذا أصيب [ ص: 109 ] يد رجل في سبيل الله ، ثم أصاب رجل الأخرى ، ففيها الدية كاملة .

                                                                                                                        37173 - قال : وإن كان أخذ لها ديتها ، ففي الأخرى نصف الدية .

                                                                                                                        37174 - قال : وكذلك عين الأعور .

                                                                                                                        37175 - قال أبو عمر : القياس أنه لا يلزم الجاني إلا جنايته ، لا جناية غيره ، وإذا كان ذلك ، فلا فرق بين أن يأخذ الأعور لعينه دية ، أو لا يأخذ .

                                                                                                                        37176 - وكذلك اليد ، لإنه لا يعتبر في فعل الإنسان فعل غيره ، قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " في اليد خمسون " .

                                                                                                                        37177 - قال أبو عمر : قول مالك أولى ما قيل به في هذا الباب ، من جهة الاتباع لعمر ، وعثمان ، وابن عمر . وبالله التوفيق .

                                                                                                                        37178 - قال أبو عمر : أحسن ما روي فيمن ضرب عين غيره ، فذهب بعض بصره عمدا ، وبقي بعض ما رواه سنيد ، قال : حدثني عباد بن العوام ، عن عمر بن عامر ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، أن رجلا أصاب عين رجل ، فذهب بعض بصره ، وبقي بعضه ، فرفع ذلك إلى علي - رضي الله عنه - فأمر بعينه الصحيحة فعصبت ، وأعطى رجل بيضة ، فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره ، فأمر علي ، فخط عند ذلك خطا علما ، ثم أمر بعينه الأخرى فعصبت ، [ ص: 110 ] وفتحت الصحيحة ، وأعطى رجل بيضة ، فانطلق بها وهو ينظر ، حتى انتهى بصره ، ثم خط عند ذلك علما ، وعرف ما بين الموضعين من المسافة ، ثم أمر به ، فحول إلى مكان ، وفعل به مثل ذلك ، ثم قاس ، فوجد مثل ذلك سواء ، فأعطاه بقدر ما نقص من بصره ، من مال الجاني عليه .




                                                                                                                        الخدمات العلمية