الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                462 463 464 465 466 467 ص: فقال الذين ذهبوا إلى إيجاب الوضوء منه: فقد أوجب الوضوء في مماسته بالكف أصحاب النبي - عليه السلام - فذكروا في ذلك:

                                                ما حدثنا أبو بكرة قال: نا أبو داود ، قال: نا شعبة، قال: أنبأني الحكم ، قال: سمعت مصعب بن سعد بن أبي وقاص يقول: "كنت أمسك المصحف على أبي، فمسست فرجي، فأمرني أن أتوضأ".

                                                حدثنا سليمان بن شعيب ، قال: نا عبد الرحمن بن زياد ، قال: نا شعبة ، عن قتادة ، قال: " كان ابن عمر ، وابن عباس ، يقولان في الرجل يمس ذكره، قالا: يتوضأ". .

                                                قال شعبة، ، فقلت لقتادة: : عمن هذا؟ فقال: عن عطاء بن أبي رباح .

                                                حدثنا يونس، قال: نا سفيان ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه: " أنه رآه صلى صلاة لم يكن يصليها، قال: فقلت له: ما هذه الصلاة؟ قال: إني مسست فرجي، فنسيت أن أتوضأ".

                                                حدثنا ابن خزيمة ، قال: نا حجاج، قال: نا حماد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ... ، مثله.

                                                حدثنا ابن خزيمة ، قال: نا حجاج، قال: نا أبو عوانة ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد، قال: "صلينا مع ابن عمر ، -أو صلى بنا ابن عمر- ثم سار، ثم أناخ بجمله، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، ، إنا قد صلينا فقال: إن أبا عبد الرحمن قد [ ص: 121 ] عرف ذلك؛ ولكني مسست ذكري، قال: فتوضأ وأعاد الصلاة".

                                                التالي السابق


                                                ش: لما ذكر الأحاديث التي احتجت بها أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه من انتقاض الوضوء بمس الفرج، وأجاب عنها؛ شرع يذكر الأخبار التي وردت من بعض الصحابة موافقة لما ذهبوا إليه [1\ق127-ب] ليجيب عنها، فذكر عن ثلاثة من الصحابة، وهم: سعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله ابن عمر، - رضي الله عنهم -.

                                                أما خبر سعد فأخرجه عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن مصعب بن سعد .

                                                وهؤلاء كلهم ثقات أئمة أجلاء.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا وكيع ، عن إسماعيل ابن أبي خالد ، عن الزبير بن عدي ، عن مصعب بن سعد، قال: "كنت أمسك على أبي (في) المصحف، فأدخلت يدي هكذا -يعني مس ذكره- فقال له: توضأ".

                                                قوله: "فمسست" من مسست الشيء -بالكسر- أمسه مسا، فهذه اللغة الفصيحة.

                                                وحكى أبو عبيدة: مسست الشيء -بالفتح- أمسه مسا- فهذه بالضم.

                                                وربما قالوا: مست الشيء يحذفون منه السين الأولى ويحولون كسرتها إلى الميم، ومنهم من لا يحول ويترك الميم على حالها مفتوحة .

                                                قوله: "أن أتوضأ": أي: بأن أتوضأ، "وأن" مصدرية، والتقدير: أمرني بالوضوء.

                                                وأما خبر ابن عباس: وفيه ابن عمر أيضا: فأخرجه عن سليمان بن شعيب ، عن [ ص: 122 ] عبد الرحمن بن زياد الرصاصي الثقفي ، عن شعبة ... إلى آخره.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا شبابة، نا شعبة ، عن قتادة ، عن عطاء ، عن ابن عباس وابن عمر، قالا: "من مس ذكره توضأ".

                                                وأما خبر ابن عمر - رضي الله عنهما -: فأخرجه من ثلاث طرق:

                                                الأول: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه عبد الله بن عمر ... إلى آخره، وهذا على شرط مسلم .

                                                وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" : عن ابن جريج، قال: أخبرنا ابن شهاب ، عن سالم: "أن ابن عمر - رضي الله عنهما - صلى بهم بطريق مكة العصر، ثم ركبنا فسرنا ما قدر أن نسير، ثم أناخ ابن عمر فتوضأ، وصلى العصر وحده.

                                                قال سالم: فقلت له: إنك قد صليت لنا صلاة العصر، أفنسيت؟ قال: لم أنس ولكني مسست ذكري قبل أن أصلي، فلما ذكرت ذلك توضأت فعدت لصلاتي".

                                                الثاني: عن محمد بن خزيمة ، عن حجاج بن المنهال ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب السختياني ، عن نافع مولى ابن عمر ، عن عبد الله بن عمر .

                                                وهذا أيضا إسناد صحيح.

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه : نا ابن علية ، عن ابن عون ، عن نافع: "أن ابن عمر كان إذا مس فرجه؛ أعاد الوضوء".

                                                الثالث: عن محمد بن خزيمة ، عن الحجاج بن منهال ، عن أبي عوانة الوضاح اليشكري ، عن إبراهيم بن المهاجر بن جابر البجلي الكوفي ، عن مجاهد بن جبر المكي ، عن عبد الله بن عمر .

                                                [ ص: 123 ] وهذا أيضا إسناد صحيح.




                                                الخدمات العلمية