الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                606 ص: حدثنا ربيع المؤذن، قال: أخبرنا أسد، قال: أنا ابن لهيعة، قال: أنا قيس ابن الحجاج [1\ق156-أ] عن حنش الصنعاني ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن ابن مسعود - رضي الله عنه - خرج مع النبي - عليه السلام - ليلة الجن، فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمعك يا ابن مسعود ماء؟ قال: معي نبيذ في إداوتي: . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تعال، أصبب علي. فتوضأ به وقال: شراب وطهور".

                                                التالي السابق


                                                ش: رجاله ثقات ما خلا عبد الله بن لهيعة، فإن فيه مقالا.

                                                وحنش -بفتح الحاء المهملة والنون وبالشين المعجمة- ابن عبد الله الصنعاني، من صنعاء دمشق، والنون في النسبة زائدة.

                                                وأخرجه ابن ماجه : عن العباس بن الوليد الدمشقي ، عن مروان بن محمد ، عن ابن لهيعة ... إلى آخره، ولفظه: "قال لابن مسعود: معك ماء؟ قال: لا، إلا نبيذ في سطيحة. فقال رسول الله - عليه السلام - تمرة طيبة وماء طهور، صب علي. قال: فصببت عليه فتوضأ به".

                                                قوله "ليلة الجن" أي في ليلة حضرت فيها الجن عند رسول الله - عليه السلام - وكانوا من جن نصيبين، قيل: كانوا بين الثلاثة إلى العشرة، وقيل: كانوا من الشيصيان وهم أكثر الجن عددا، وعامة جنود إبليس منهم. ويقال: إن الجن كانت تسترق السمع، فلما حرست السماء ورجموا بالشهب، قالوا: ما هذا إلا لنبأ حدث، فنهض سبعة نفر -أو

                                                [ ص: 276 ] تسعة- من أشرف جن نصيبين، أو نينوي منهم زوبعة، فضربوا في الأرض حتى بلغوا تهامة ، ثم اندفعوا إلى وادي نخلة ، فوافوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو قائم في جوف الليل يصلي -أو في صلاة الفجر- فاستمعوا القرآن، وذلك حين منصرفه من الطائف ، حين خرج إليهم يستنصرهم، وفي رواية أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود لما خرج معه، فقال: "أولئك جن نصيبين"، وكانوا اثني عشر ألفا، وكانت السورة التي قرأها رسول الله - عليه السلام -: اقرأ باسم ربك الذي خلق

                                                قوله: "أمعك ماء" الهمزة فيه للاستفهام، وليست في رواية ابن ماجه .

                                                قوله: "في إداوتي" الإداوة -بكسر الهمزة- إناء صغير من جلد يتخذ للماء، كالسطيحة ونحوها، وجمعها أداوي على وزن فعالي بالفتح.

                                                قوله: "أصبب" أمر من: صب يصب، خرج على الأصل، ويجوز فيه صب، بالإدغام مع الحركات الثلاث في الباء، كما في قولك مد وامدد.

                                                قوله: "شراب" مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هذا شراب أو هو شراب.

                                                و"طهور" بفتح الطاء بمعنى مطهر، والمعنى أنه جامع للصفتين، الأولى: كونه مشروبا حلوا، والثانية: كونه مطهرا للحدث.




                                                الخدمات العلمية