الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي أنه أخبره قال كنت مع مجاهد وهو يطوف بالبيت فجاءه إنسان فسأله عن صيام أيام الكفارة أمتتابعات أم يقطعها قال حميد فقلت له نعم يقطعها إن شاء قال مجاهد لا يقطعها فإنها في قراءة أبي بن كعب ثلاثة أيام متتابعات قال مالك وأحب إلي أن يكون ما سمى الله في القرآن يصام متتابعا وسئل مالك عن المرأة تصبح صائمة في رمضان فتدفع دفعة من دم عبيط في غير أوان حيضها ثم تنتظر حتى تمسي أن ترى مثل ذلك فلا ترى شيئا ثم تصبح يوما آخر فتدفع دفعة أخرى وهي دون الأولى ثم ينقطع ذلك عنها قبل حيضتها بأيام فسئل مالك كيف تصنع في صيامها وصلاتها قال مالك ذلك الدم من الحيضة فإذا رأته فلتفطر ولتقض ما أفطرت فإذا ذهب عنها الدم فلتغتسل وتصوم وسئل عمن أسلم في آخر يوم من رمضان هل عليه قضاء رمضان كله أو يجب عليه قضاء اليوم الذي أسلم فيه فقال ليس عليه قضاء ما مضى وإنما يستأنف الصيام فيما يستقبل وأحب إلي أن يقضي اليوم الذي أسلم فيه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          681 677 - ( مالك عن حميد بن قيس المكي ) الأعرج القاري ( أنه أخبره قال : كنت مع مجاهد ) بن جبر بفتح فسكون المخزومي مولاهم المكي التابعي الثقة الإمام في التفسير والعلم مات سنة إحدى أو اثنين أو ثلاث أو أربع ومائة ، ( وهو يطوف بالبيت فجاءه إنسان فسأله عن صيام أيام الكفارة أمتتابعات أم يقطعها ؟ قال حميد : فقلت له نعم يقطعها إن شاء ) لأنه جائز ، ( قال مجاهد : لا يقطعها فإنها في قراءة أبي بن كعب ثلاثة أيام متتابعات ) فيه جواب المتعلم بين يدي المعلم وحسب الشيخ إن كان عنده خلافه أن يفسده ولا يعنف ، وأن من رد على غيره وإن كان دونه ، عليه أن يأتي بحجة والاحتجاج بما ليس في مصحف عثمان وبه قال جمهور العلماء ، ويجري عندهم مجرى خبر الواحد في العمل به دون القطع قاله ابن عبد البر .

                                                                                                          وقال الباجي : الصحيح ما ذهب إليه الباقلاني أنه لا يحتج به لأنه إذا لم يتواتر فليس بقرآن وحينئذ لا يصح التعلق به .

                                                                                                          ( قال مالك : وأحب إلي أن يكون ما سمى الله في القرآن يصام متتابعا ) وكذا استحب الجمهور التتابع في كفارة اليمين ولا يوجبونه إلا في شهري كفارة القتل وفي الظهار أو الوطء عامدا في رمضان ، ويستحبون ما استحب مالك في ذلك .

                                                                                                          وسأل رجل طاوسا عن كفارة اليمين فقال : صم كيف شئت ، [ ص: 279 ] فقال مجاهد : إنها في قراءة ابن مسعود " متتابعات " فقال : تأخر الرجل .

                                                                                                          ( وسئل مالك عن المرأة تصبح صائمة في رمضان فتدفع دفعة ) بضم الدال اسم لما يدفع بمرة وبفتحها المرة ، قال ابن فارس : الدفعة من المطر والدم وغيره مثل الدفعة ، ( من دم عبيط ) بمهملة أي طري خالص لا خلط فيه ( في غير أوان حيضها ثم تنتظر حتى تمسي أن ترى مثل ذلك فلا ترى شيئا ثم تصبح يوما آخر فتدفع دفعة أخرى وهي دون الأولى ) أقل منها ( ثم ينقطع ذلك عنها قبل حيضتها بأيام فسئل مالك كيف تصنع في صيامها وصلاتها ؟ قال مالك ) مجيبا : ( ذلك الدم من الحيضة ) بفتح الحاء وكسرها ( فإذا رأته فلتفطر لأن الحيض يمنع صحة الصوم ولتقض ما أفطرت ) وجوبا ( فإذا ذهب عنها الدم فلتغتسل وتصوم ) ولا تقضي الصلاة ، قال أبو الزناد : إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيرا على خلاف الرأي ، فما يجد المسلمون بدا من اتباعها من ذلك أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فجعل ذلك تعبدا .

                                                                                                          وفرق الفقهاء بعدم تكرر الصوم فلا حرج في قضائه بخلاف الصلاة ، وبغير ذلك قال إمام الحرمين : كل ما ذكروه من الفروق ضعيف .

                                                                                                          ( وسئل عمن أسلم في آخر يوم من رمضان هل عليه قضاء رمضان كله ؟ وهل يجب عليه قضاء اليوم الذي أسلم فيه ؟ فقال : ليس عليه قضاء ما مضى ) حال كفره ، وإن قيل بأنه يجب عليه في الكفر لأن الإسلام يسقطه لقوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ( سورة الأنفال : الآية 38 ) ( وإنما يستأنف الصيام فيما يستقبل وأحب إلي أن يقضي اليوم الذي أسلم فيه ) ، ولا يجب خلافا للحسن وعطاء وعكرمة في أنه يجب قضاء الماضي ، قال أبو عمر : من أوجب على الكافر يسلم أو الصبي يحتلم صوم ما مضى فقد كلف غير مكلف لأن الصيام إنما يجب على المؤمن البالغ لقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ( سورة البقرة : الآية 183 ) وبحديث : " رفع القلم عن ثلاث " فذكر منها الغلام حتى يحتلم والجارية حتى تحيض .




                                                                                                          الخدمات العلمية