حدثنا  الحسن بن صباح،  حدثنا معبد أبو عبد الرحمن الكوفي،  نزل بغداد،  حدثنا معاوية بن عمار،  قال: سألت  جعفر بن محمد،  عن القرآن فقال: "ليس بخالق ولا مخلوق".  
وقال  أبو عبد الله:   "احتج هؤلاء - يعني الجهمية   - بآيات، وليس فيما احتجوا به أشد التباسا من ثلاث آيات، قوله: ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا   ) ، فقالوا: إن قلتم: إن القرآن لا شيء كفرتم، وإن قلتم: إن القرآن شيء فهو داخل في الآية، والثانية قوله: ( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه   ) ، قالوا: فأنتم قلتم بقول النصارى لأن المسيح كلمة الله، وهو خلق فقلتم إن كلام الله ليس بمخلوق، وعيسى من كلام الله، والثالثة: ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث   ) ، وقلتم ليس بمحدث". 
قال أبو عبيدة:   "أما قوله: ( وخلق كل شيء   ) ، فهو كما قال، وقال في آية أخرى: ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون   ) ، فأخبر أن أول خلق خلقه بقوله، وأول خلق هو من الشيء الذي قال: ( وخلق كل شيء   ) ،  [ ص: 45 ] فأخبر أن كلامه قبل الخلق، وأما تحريفهم: ( إنما المسيح عيسى ابن مريم،   ) فلو كان كما قالوا لكان ينبغي أن يكون بين الدفتين: ( وكلمته ألقاها إلى مريم   ) لأن عيسى  مذكر، والكلمة مؤنثة لا اختلاف بين العرب في ذلك، وإنما خلق الله عيسى  بالكلمة لا أنه الكلمة، ألا تسمع إلى قوله: ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه   ) يعني جبريل  عليه السلام، كما قال في آية أخرى: ( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا   ) . 
وقال: ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون   ) فخلق عيسى  وآدم  بقوله: "كن"، وليس بين هاتين الآيتين خلاف، وأما تحريفهم: ( من ذكر من ربهم محدث   ) ، فإنما حدث عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما علمه الله ما لم يكن يعلم. 
وقال  أبو عبد الله:   "والقرآن كلام الله غير مخلوق، لقول الله عز وجل: ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره   ) . 
فبين أن الخلائق والطلب، والحثيث، والمسخرات بأمره، شرح، فقال: ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين   ) ". 
قال  ابن عيينة:   "قد بين الله الخلق من الأمر بقوله: ( ألا له الخلق والأمر   ) ، فالخلق بأمره كقوله: ( لله الأمر من قبل ومن بعد   ) . 
وكقوله: ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون   ) . 
وكقوله: ( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره   ) ، ولم يقل بخلقه". 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					