الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
حدثني موسى بن مسعود، حدثنا سفيان بن سعيد، عن عبد الرحمن بن عابس، حدثني ناس من أصحاب عبد الله رضي الله عنه، قال: "أصدق الحديث كلام الله".

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الشفاعة قال: "يقول نوح: انطلقوا إلى إبراهيم فإن الله اتخذه خليلا، فيأتون إبراهيم فيقول: انطلقوا إلى موسى فإن الله كلمه تكليما".

وقال أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى موسى بكلامه وبرسالاته".

وقال عدي بن حاتم رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، ولو بكلمة طيبة".

وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أبشرك عما لقي أبوك؟ إن الله كلم أباك من غير حجاب، فقال له: عبدي سلني، فقال: يا رب ردني إلى الدنيا حتى أقتل فيك، قال: فإني قد قضيت عليهم ألا يرجعوا، قال: يا رب فأبلغهم عنا، فأنزل الله عز وجل: ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) ".

قال عبد الله: "وهو عبد الله بن عمرو بن حرام، قتل يوم أحد شهيدا".

وقال جبير [ ص: 43 ] ابن مطعم، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله على عرشه فوق سماواته، وسماواته فوق أراضيه مثل القبة".

وقال ابن مسعود، في قوله: ( ثم استوى على العرش ) ، قال: "العرش على الماء، والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه". وقال قتادة في قوله: ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) قال: "يعبد في السماء، ويعبد في الأرض".

وقال ابن عباس: ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) ، قال: "من أيام السنة".

وقال الله: ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ) .

وقال عمران بن حصين رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي: "كم تعبد اليوم إلها؟ " قال: سبعة، ستة في الأرض وواحد في السماء. قال: "فأيهم تعد لرغبتك ولرهبتك؟" قال: الذي في السماء. قال: "أما إنك إن أسلمت علمتك كلمتين ينفعانك". فلما أسلم الحصين قال: يا رسول الله، علمني الكلمتين اللتين وعدتني، قال: "اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي".

وقال بعض أهل العلم: "إن الجهمية هم المشبهة، لأنهم شبهوا ربهم بالصنم، والأصم، والأبكم الذي لا يسمع، ولا يبصر، ولا يتكلم، ولا يخلق.

وقالت الجهمية: وكذلك لا يتكلم، ولا يبصر نفسه.

[ ص: 44 ] وقالوا: إن اسم الله مخلوق، ويلزمهم أن يقولوا إذا أذن المؤذن أن يقولوا: لا إله إلا الله الذي اسمه الله، وأشهد أن محمدا رسول الذي اسمه الله، لأنهم قالوا: إن اسم الله مخلوق.

ولقد اختصم يهودي ومسلم إلى بعض معطليهم فقضى باليمين على المسلم، فقال اليهودي حلفه، فقال المخاصم إليه: أحلف بالله الذي لا إله إلا هو. فقال اليهودي: حلف بالخالق لا بالمخلوق، فإن هذا في القرآن، وزعمت أن القرآن مخلوق فحلفه بالخالق، فبهت الآخر، وقال: قوما حتى أنظر في أمركما، وخسر هنالك المبطلون".

التالي السابق


الخدمات العلمية