الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
حدثنا علي بن عبد الله، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا الفضيل بن غزوان، ثنا عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر، فقال: "أيها الناس أي يوم هذا؟" قالوا: يوم حرام، قال: "فأي بلد هذا؟" قالوا: "بلد حرام"، قال: "فأي شهر هذا؟" قالوا: شهر حرام، قال: "فإن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" فأعادها ثلاث مرات، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: "اللهم هل بلغت؟" قال ابن عباس رضي الله عنهما: والذي نفسي بيده إنها الوصية إلى أمته: "فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".

حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا الليث، حدثني شعيب، عن ابن شريح أنه قال لعمرو [ ص: 90 ] بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: أيها الأمير، أحدثك قولا قام به النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به: حمد الله وأثنى عليه ثم قال: "إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، فإنما أذن لي ساعة من نهار، ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب".

حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أبو عامر، ثنا قرة، عن محمد بن سيرين، أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة، ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال: "أتدرون أي يوم هذا؟" قالوا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه يسميه بغير اسمه قال: "أليس يوم النحر" قلنا: بلى، قال: "أي شهر هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: "أليس ذو الحجة؟" قلنا: بلى، قال: "أي بلد هذا؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: "أليست بالبلدة الحرام؟" قلنا: بلى، قال: "فإن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم. ألا هل بلغت؟" قالوا: نعم، قال: "اللهم اشهد. فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع. لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".

حدثنا مسدد، ثنا يحيى، حدثني ابن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، وعن رجل آخر هو في نفسي أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، وقال: ليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ يبلغه من هو أوعى له، فكان كذلك.

حدثنا أبو عاصم، عن ربيعة بن عبد الرحمن، قال: حدثتني سراء ابنة نبهان رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليبلغ أدناكم أقصاكم" ثلاثا.

حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا سفيان بن نشيط، حدثني عبد الكريم، من بني عقيل قال: خرجت حين قدم يزيد بن المهلب فمررنا بالزجيج فإذا شيخ كبير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأنا تحت جران ناقته قال: "أيها الناس أتدرون أي شهر هذا؟ هذا شهر حرام، وبلد حرام ويوم حرام. ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام بينكم كحرمة يومكم هذا إلى يوم تلقونه. اللهم اشهد، ثلاثا، فليبلغ الشاهد الغائب". فإذا هو العداء بن خالد العامري رضي الله عنهما.

حدثنا أبو معمر، ثنا عبد الوارث، ثنا عتبة بن عبد الملك السهمي، حدثني زرارة بن [ ص: 91 ] كريم بن حارث بن عمرو السهمي، أن الحارث بن عمرو السهمي حدثه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، وقال: فليبلغ الشاهد الغائب.

حدثنا مكي بن إبراهيم، ثنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يبلغ شاهدكم غائبكم".

التالي السابق


الخدمات العلمية