الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
888 - أخبرنا عبد الله بن إبراهيم بن الصباح ، ثنا علي بن عيسى الطرسوسي ، حدثني عمرو بن قسط السلمي الرقي ، حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن من ولد أبي بكر ، حدثني سعيد بن سنان أبو سنان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة ، قال :

جاء يهودي إلى علي بن أبي طالب ، فقال : يا أمير المؤمنين ، متى كان ربنا ؟ فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إنما يقال متى كان لشيء لم يكن فكان ، هو كائن بلا كينونة ، كائن كان بلا كين يكون ، كان لم يزل ، وقال : كيف كان ليس له قبل ، هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ، ولا غاية إليها غاية ، انقطعت الغايات عنده ، فهو غاية كل غاية ، تبارك وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا .

قال محمد بن عيسى : وفعل الأشياء مبتدئا بحلم وعلم ، أمر غير موجود شخصه ، وهو عنده في العلم كالموجود ، كان له مفقودا من الأبصار ، وفي العلم محفوظا ، فأجاب نداءه سريعا قبل انقضاء ذكر النون من كن ، سريعا إلى طاعة خالقه ، من ذلك ما خاطبنا به قوله : ( فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) ، أراد بقوله السماوات والأرض جميعا وهي كلمة عامة جمعت جميع معانيه ، تكوين الخلق أجمع ، قوله : ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) ، فلو كان من الكلام معقول دون الحرفين ، إذا لخاطب به ما هو خالقه قدرة من الله عز وجل . [ ص: 304 ]

وقال أيضا : ( يفعل ما يشاء ) ، ( إن الله يفعل ما يريد ) ، فكان القول والمشيئة والإرادة من الله عز وجل صفة من صفاته لم تزل ، والفعل هو ما أحدث في خلقه ، فهو الحق ، قال الله تعالى : ( فالحق والحق أقول ) ، يعني أنا الحق وأقول الحق ، وقال : ( حق القول مني ) ، وقال : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية