الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
890 - أخبرنا محمد بن أبي جعفر السرخسي ، ثنا محمد بن سلمة البلخي ، ثنا بشر بن الوليد القاضي ، عن أبي يوسف القاضي أنه قال : ليس التوحيد بالقياس ألم تسمع إلى قول الله عز وجل ، في الآيات التي يصف بها نفسه أنه [ ص: 305 ] عالم ، قادر ، قوي ، ولم يقل : إني قادر عالم لعلة كذا ، أقدر بسبب كذا أعلم وبهذا المعنى أملك ، فلذلك لا يجوز القياس في التوحيد ولا يعرف إلا بأسمائه ولا يوصف إلا بصفاته ، وقد قال الله تعالى : في كتابه ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) الآية .

، وقال : ( أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء ) وقال : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر ) الآية .

قال أبو يوسف : لم يقل الله : انظر كيف أنا العالم ، وكيف أنا القادر ، وكيف أنا الخالق ، ولكن قال : انظر كيف خلقت ثم قال : ( والله خلقكم ثم يتوفاكم ) ، وقال : ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) .

أي تعلم أن هذه الأشياء لها رب يقلبها ويبدئها ويعيدها وأنك مكون ولك من كونك ، وإنما دل الله عز وجل خلقه بخلقه ليعرفوا أن لهم ربا يعبدوه ويطيعوه ويوحدوه ليعلموا أنه مكونهم لا هم كانوا ثم تسمى فقال : أنا الرحمن ، وأنا الرحيم ، وأنا الخالق ، وأنا القادر ، وأنا المالك ، أي هذا الذي كونكم يسمى المالك القادر الله الرحمن الرحيم بها يوصف ، ثم قال أبو يوسف : يعرف الله بآياته وبخلقه ويوصف بصفاته ويسمى بأسمائه كما وصف في كتابه ، وبما أدى إلى الخلق رسوله ، ثم قال أبو يوسف : إن الله عز وجل خلقك وجعل فيك آلات وجوارح عجز بعض جوارحك عن بعض وهو ينقلك من حال إلى حال لتعرف أن لك ربا وجعل فيك نفسك عليك حجة بمعرفته تتعرف بخلقه ثم وصف نفسه فقال : أنا الرب ، وأنا الرحمن ، وأنا الله ، وأنا القادر ، وأنا المالك فهو يوصف بصفاته ويسمى بأسمائه قال الله تعالى ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ ص: 306 ] وقال : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) ، وقال : ( له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) ، فقد أمرنا الله . . . أن نوحده وليس التوحيد بالقياس ، لأن القياس يكون في شيء له شبه ومثل ، فالله تعالى وتقدس لا شبه له ، ولا مثل له تبارك الله أحسن الخالقين .

ثم قال : وكيف يدرك التوحيد بالقياس وهو خالق الخلق بخلاف الخلق ليس كمثله شيء تبارك وتعالى ، وقد أمرك الله عز وجل أن تؤمن بكل ما أتى به نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ) فقد أمرك الله عز وجل بأن تكون تابعا سامعا مطيعا ولو يوسع على الأمة التماس التوحيد وابتغاء الإيمان برأيه وقياسه وهوأيه إذا لضلوا ، ألم تسمع إلى قول الله عز وجل ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن ) فافهم ما فسر به ذلك .

891 - أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف ، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، ثنا مسلم بن قادم ، ثنا موسى بن داود قال :

قال لي عباد بن العوام قدم علينا شريك بن عبد الله النخعي منذ نحو من خمسين سنة ، فقلت : يا أبا عبد الله إن عندنا قوما ينكرون هذه الأحاديث ، يعني الصفات ، قال : فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذا فقال : نحن أخذنا ديننا عن التابعين عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهم عن من أخذوا . [ ص: 307 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية