الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
بيان آخر يدل على النفس والذات

روي عن عبد الله بن عباس مرفوعا، قال: تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله عز وجل - وقال حذيفة بن اليمان لعمر بن الخطاب: إن جمعت في الله وقسمته في ذات الله فأنت أنت، وإلا فلا.

[ ص: 33 ] 388 - أخبرنا أحمد بن سليمان بن أيوب، حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة من أصحاب أبي هريرة، أن أبا هريرة، قال:

بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة، منهم خبيب الأنصاري عينا، فأسروهم فلما أرادوا قتل خبيب، فذكر الحديث. قال الزهري: فأخبرني عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته، أنهم حين أراد المشركون قتل خبيب، قال خبيب في أبيات له:


ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان لله مصرعي     وذلك في ذات الإله
وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع



فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم حين أصيبوا.
وهذا حديث مجمع على صحته من حديث الزهري.

(اختلف أهل العلم في معرفة معنى الذات )

فقال بعضهم: ذات الله عز وجل حقيقته، وقال بعضهم: ذات الله بهجته، وقال بعضهم: انقطع العلم دونها، وقيل: استغرقت العقول والأوهام في معرفة ذاته، واختصرت أقاويلهم، والأولى وبالله التوفيق، أن ذات الله عز وجل موصوفة بالعلم غير مدركة بالإحاطة، ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا ; [ ص: 34 ] لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا، وهو موجود بحقائق الإيمان على الإتقان بلا إحاطة إدراك بها، بل هو أعلم بذاته، فهو موصوف، غير مجهول، وموجود غير مدرك، ومرئي غير محاط به، لقربه كأنك تراه، وقريب غير ملازق، وبعيد غير منقطع، يسمع ويرى، وهو العلي الأعلى، وعلى العرش استوى، تبارك وتعالى، ظاهر في ملكه وقدرته، وقد حجب عن الخلق كنه ذاته، ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه والعقول لا تكيفه، وهو بكل شيء محيط، وهو على كل شيء قدير. [ ص: 35 ] [ ص: 36 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية