الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
531 - أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن مسلم بن وارة الرازي. /ح وأخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم، حدثنا محمد بن إسحاق أبو بكر الصغاني، قالا: حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة، حدثنا محمد [ ص: 120 ] ابن سلمة، عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن مسروق بن الأجدع، حدثنا عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم أربعين سنة، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء، قال: وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد: أيها الناس، ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم، وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، أن يولي كل أناس ما كان يتولى ويعبد في الدنيا، أليس ذلك عدلا من ربكم، قالوا: بلى، قال: فينطلقون، فيمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس، ومنهم من ينطلق إلى القمر، وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون، ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى، ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير، ويبقى محمد وأمته، قال: فيتمثل الرب فيأتيهم فيقول: ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس، فيقولون: بيننا وبينه علامة، فإذا رأيناه عرفناه، فيقول: ما هي، فيقولون: يكشف عن ساقه، فعند ذلك يكشف عن ساقه، قال: فيخر كل من كان لظهره طبق، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر، يريدون السجود فلا يستطيعون، ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) ثم يقول: ارفعوا رؤوسكم، قال: فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم فيسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلا يعطى نوره على إبهام قدمه فيضيء مرة ويطفئ مرة، فإذا أضاء قدم قدمه فمشى، وإذا طفئ قام، قال: والرب أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف دحض مزلة. قال ويقول: مروا فيمرون على قدر نورهم: منهم من يمر كطرف العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأشد الفرس، ومنهم من يمر [ ص: 121 ] كأشد الرجل، حتى يمر الذي أعطي نوره على إبهام قدمه يحبو على وجهه ويديه ورجليه، تجر يد وتعلق يد، وتجر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص، فإذا خلص وقف عليها ثم قال: الحمد لله لقد أعطاني الله ما لم يعط أحدا، إذ أنجاني منها بعد إذ رأيتها، قال: فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم، قال: ويرى ما في الجنة من خلال الباب، قال: فيقول: رب أدخلني الجنة، قال: فيقول الله له، أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار، قال: فيقول: اجعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسها، قال: ويدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم، قال: فيقول: رب أعطني ذلك المنزل، فيقول له فلعلك إن أعطيته تسأل غيره، قال: لا وعزتك لا أسأل غيره، وأي منزل يكون أحسن منه، قال: فيعطى فينزله، قال: فيرى أمام ذلك منزلا كأن ما هو فيه إليه حلم، قال: رب أعطني ذلك المنزل، قال: فيقول الله له: فلعلك إن أعطيته تسأل غيره، قال: لا وعزتك لا أسأل غيره، وأي منزل يكون أحسن منه، قال: فيعطى فينزله، قال: فيرى أو يرفع له أمام ذلك منزلا آخر كأن ما هو فيه إليه حلم، قال: فيقول: رب أعطني ذلك المنزل، قال: فيقول الله له: فلعلك إن أعطيته تسأل غيره، قال: لا وعزتك، وأي منزل يكون أحسن منه، قال: فيعطاه، فينزله، قال: ثم يسكت، قال: فيقول الله له، ما لك لا تسأل، قال: فيقول: يا رب، قد سألتك حتى قد استحييتك وأقسمت لك حتى قد استحييتك، قال: فيقول الله له: ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشر أضعافها؟، قال: فيقول: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين، قال: فيضحك الرب من قوله، قال: فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا، كلما بلغت هذا المكان من هذا الحديث ضحكت، فقال ابن مسعود: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان، من هذا الحديث ضحك حتى يبدو آخر [ ص: 122 ] أضراسه، قال: فيقول الرب: لا ولكني على ذلك قادر، سل، قال: فيقول: رب ألحقني بالناس، قال: فيقول: الحق بالناس، قال: فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة، فيخر ساجدا، فيقول له: ارفع رأسك ما لك، قال: فيقول: رأيت ربي أو ترايا لي ربي، فيقال له: إنما هو منزل من منازلك، قال: ثم يلقى رجلا فيتهيأ ليسجد، فيقال له: مه ما لك، قال: فيقول: رأيت أنك ملك من الملائكة، فيقول: إنما أنا خازن من خزانك، عبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان، على مثل ما أنا عليه، قال فينطلقوا أمامه حتى يفتح له القصر، قال: وهو درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتحها منها، فيستقبله جوهرة خضراء مبطنة حمراء، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى، في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف، أدناهم حوراء عيناء عليها سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك، وإذا أعرضت عنه إعراضة ازداد في عينها سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك، قال: فيقول لها: والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا، قال: فتقول له: وأنت والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا، قال: فيقال له: أشرف، فيشرف، قال: فيقال له: ملكك مسيرة مائة عام تنفذه ببصرك، قال: فقال عمر: ألا تسمع إلى ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب، عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم، فأنشأ كعب يحدث. وذكر الحديث.

رواه أبو غسان مالك بن إسماعيل، عن عبد السلام بن حرب، عن [ ص: 123 ] يزيد بن عبد الرحمن الدالاني، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن ابن مسعود مرفوعا مثله سواء، وفيه كلام عمر لكعب.

532 - أخبرنا محمد بن أيوب بن حبيب، حدثنا حفص بن عمر بن الصباح، حدثنا أبو غسان، ورواية عبد المؤمن بن علي، عن عبد السلام بن حرب بإسناده مثله، ورواه الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، وأبي عبيدة، عن عبد الله موقوفا، ورواه وهب بن بقية، عن محمد بن الحسن، عن عبد الأعلى أبي المساور، عن المنهال، عن قيس وأبي عبيدة، عن عبد الله مرفوعا بطوله.

ورواه ورقاء بن عمر وأحمد بن أبي طيبة، عن أبي طيب الجرجاني، عن محرز بن وبرة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي عبيد بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو حديث زيد بن أبي أنيسة، ولم يذكر مسروقا في الإسناد.

533 - أخبرنا محمد بن الحسين بن الحسن، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري، عن ورقاء بن عمر، عن أبي طيبة بهذا بأسانيد في رواتها مقال وإنما ذكرناها اعتبارا واستشهادا لحديث المنهال بن عمرو المرفوع المتصل، وذكره النسائي من حديث زيد بن أبي أنيسة، وروى هذا الحديث سفيان الثوري وغيره، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء عن عبد الله وفيه، فيتمثل الله للخلق ثم يأتيهم في صورته، وروى هذا الحرف أبو هريرة وأبو سعيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية