الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
486 - أخبرنا أحمد بن محمد بن عاصم، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا عمرو بن حماد، حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن عبد الله بن مسعود، وعن أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش وقال للملائكة: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) إلى قوله: ( إني أعلم ما لا تعلمون ) ، من شأن إبليس، فبعث جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت الأرض: إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني، فرجع ولم يأخذ، فقال: يا رب إنها عاذت بك فأعذتها، فبعث ميكائيل فقالت مثل ذلك فرجع، فبعث ملك الموت فعاذت منه، فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض، وخلط فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين، فصعد به قبل ترابه حتى عاد طينا لازبا، وأن اللازب هو الذي يلزق بعضه ببعض، ثم لم يزل حتى أنتن وتغير فذلك حين يقول: ( من حمإ مسنون ) ، قال: منتن، ثم قال للملائكة: ( إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ) ، فخلقه الله بيديه لكيلا يتكبر إبليس عنه ليقول له: تتكبر عما عملت بيدي، ولم أتكبر أنا عنه، فخلقه بشرا فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة: فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه، وكان أشدهم فزعا منه إبليس، فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار، فيكون له صلصلة، فذلك حين يقول: ( من صلصال كالفخار ) ، ويقول لأمر ما خلقت، ودخل في فيه وخرج من [ ص: 94 ] دبره، فقال للملائكة: لا ترهبوا من هذا وهذا أجوف، لئن سلطت عليه لأهلكنه، فلما بلغ الحين الذي يريد الله أن ينفخ فيه الروح، قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس فقالت له الملائكة: قل الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال الله: رحمك ربك، فلما دخل الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن يبلغ الروح في رجليه عجلا إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول ( خلق الإنسان من عجل ) ، فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى واستكبر، قال الله: ( ما منعك أن تسجد ) إذ أمرتك، ( لما خلقت بيدي ) فقال: أنا خير منه ، لم أكن لأسجد لبشر خلقته من طين

هذا إسناد صحيح، ورواته ثقات مشاهير على رسم الجماعة، ورواه جعفر بن أبي المغيرة وغيره، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وروي عن مقسم وعكرمة عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية