الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا طلق امرأته طلاقا بائنا وهي أمة وقد بوأها معه بيتا فعلى الزوج النفقة ; لأنها كانت مستحقة للنفقة حال قيام النكاح فيبقى ذلك ببقاء العدة ، فإن أخرجها المولى إليه لخدمته بطلت النفقة عن الزوج كما في حال قيام النكاح إذا شغلها بخدمته ، فإن أعادها إلى بيت الزوج وترك استخدامها فلها النفقة كما في حال قيام النكاح فأما إذا كانت عند الطلاق في بيت المولى يستخدمها ثم عادت إلى بيت الزوج بعد الطلاق فلا نفقة لها عندنا . وعلى قول زفر رحمه الله تعالى لها النفقة كما لو كان استخدامه إياها بعد الطلاق ، وهذا ; لأن سقوط النفقة بعارض فإذا زال ذلك العارض صار كأن لم يكن .

ألا ترى أن الحرة إذا كانت ناشزة هاربة من الزوج حين طلقها ثم عادت إلى بيته كان لها نفقة العدة ; لهذا المعنى . وحجتنا في ذلك أن باعتبار العدة يبقى ما كان ثابتا ولا يثبت ما لم يكن ثابتا ; لأن الثبوت ابتداء يستدعي قيام الملك مطلقا فأما ثبوت نفقة العدة عند الفرقة ، فإن كانت في بيت الزوج عند ذلك كانت مستحقة للنفقة فيبقى ذلك ببقاء العدة ، فإن اعترض بعد ذلك [ ص: 204 ] مسقط ، ثم زال صار كأن لم يكن ، وإذا لم تكن مستحقة للنفقة عند الفرقة فلو جعلنا لها النفقة في العدة كان هذا إثبات النفقة لها ابتداء في العدة وذلك لا يكون ، وهذا المعنى وهو أن المقصود من التبوئة أن تتفرغ للقيام بمصالح الزوج وذلك في قيام النكاح فإذا بوأها بيتا في حال قيام النكاح استحقت النفقة فيبقى ذلك ببقاء العدة فأما إذا كان ابتداء التبوئة في العدة لا يحصل به هذا المقصود ; لأنها لا تقوم بمصالح الزوج ، والقياس في الناشزة هكذا ولكنا استحسنا فيها ; لأن الحرة مستحقة في أصل النكاح ، والعارض المسقط عند الفرقة وبعدها في حقها سواء إذا زال صار كأن لم يكن بخلاف الأمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية