الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولو تزوجها على عبد بعينه فوجدته حرا فلها مهر مثلها في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ، وهو قول أبي يوسف رحمه الله تعالى الأول ، وفي قوله الآخر قيمة ذلك الشخص أن لو كان عبدا ، وكذلك لو تزوجها على هذه الشاة المذبوحة فإذا هي ميتة أو تزوجها على هذا الدن من الخل فإذا هو خمر فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لها مهر مثلها ، وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لها مثل ذلك الدن من خل وسط أبو يوسف رحمه الله تعالى يقول : سمى لها في العقد مالا ، وهو العبد ، والذكية ، والخل فصحت التسمية ثم تعذر تسليم المسمى بما ظهر فتجب القيمة فيما ليس من ذوات الأمثال ، والمثل فيما هو من ذوات الأمثال كما لو تعذر تسليم المسمى بالهلاك في يد الزوج ; وهذا لأنه حين ظهر حرا فقد استحق نفسه فيجعل كاستحقاق الغير إياه ، ولو تزوجها على عبد فاستحق كان لها قيمته فكذلك إذا استحق نفسه بالحرية وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا الأصل أن الإشارة ، والتسمية إذا اجتمعتا فإن كان المشار إليه من جنس المسمى يتعلق العقد بالمشار إليه ، وإن كان من غير جنس المسمى يتعلق بالمسمى ، ألا ترى أنه لو اشترى فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج كان البيع باطلا ; لأن المشار إليه من غير جنس المسمى ، فيتعلق العقد بالمسمى ، والمسمى معدوم ، وبيع المعدوم باطل ، ولو اشترى فصا على أنه ياقوت أحمر فإذا هو ياقوت أصفر جاز البيع ; لأن المشار إليه من جنس المسمى فيتعلق العقد بالمشار إليه ; لأن الإشارة أبلغ في التعريف ; لأنها تقطع الشركة من كل وجه إذا عرفنا هذا فنقول : الحر والعبد جنس واحد فإن الآدمي باعتبار الأصل حر ثم يتعرض الرق فيه ، والإعتاق إتلاف لذلك الرق العارض [ ص: 84 ] فلا يوجب تبديل الجنس ، واختلاف الجنس إما باختلاف الأصل أو الهيئة أو المقصود ، وذلك لا يوجد بين الأحرار والعبيد ، فإذا اتحد الجنس تعلق العقد بالمشار إليه ، وهو الحر دون المسمى ، والمشار إليه ليس بمال فلا يصح تسميته بخلاف عبد الغير فإنه مال متقوم ، وإن كان لا يقدر على تسليمه ، وعلى هذه الذكية والميتة ، فإن الجنس واحد فيتعلق العقد بالمشار إليه .

فأما محمد رحمه الله تعالى في الخمر ، والخل قال : هما جنسان مختلفان ; لأن المقصود منهما يختلف ، وكذلك الخل فقط لا يصير في مثل حال الخمر ، والخمر اسم لعين حرام ، والخل اسم لمطعوم حلال فكانا جنسين فيتعلق العقد بالمسمى ، والمسمى هو الخل فلهذا كان لها مثل ذلك الدن من الخل وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : الخل والخمر جنس واحد ، فإن الأصل واحد ، والهيئة واحدة ، وهذه أوصاف تتعرض على العين فلا توجب تبديل الجنس كالصغر ، والكبر في الآدمي فإن الحلاوة في العصير بمنزلة الحلاوة التي تكون في الصغر ، ثم الشدة في الخمر بمنزلة الحدة ، والقوة التي تكون في الشباب ، ثم الحموضة في الخل بمنزلة حال الشيخوخة فكما أن بتبدل الأحوال لا يختلف جنس الآدمي ، فكذلك بتبدل الأحوال في العصير ، فإذا كان الجنس واحدا تعلق العقد بالمشار إليه ، والمشار إليه ليس بمال فلهذا كان لها مثلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية