الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا قال : تزوجتك بغير شهود ، وقالت هي : تزوجتني بشهود فالقول قولها ; لأنهما اتفقا على أصل العقد فيكون ذلك كالاتفاق منهما على شرائطه ; لأن شرط الشيء يتبعه فالاتفاق على الأصل يكون اتفاقا على الشرط ثم المنكر منهما للشرط في معنى الراجع فإن كانت هي التي أنكرت الشهود فالنكاح بينهما صحيح ، وإن كان الزوج هو المنكر يفرق بينهما ; لإقراره بالحرمة عليه ; لأنه متمكن من تحريمها على نفسه فجعل إقراره مقبولا في إثبات الحرمة ، ويكون هذا بمنزلة الفرقة من جهته فلها نصف المهر إن كان قبل الدخول ، وجميع المسمى ونفقة العدة إن كان بعد الدخول ، وهذا بخلاف ما إذا أنكر الزوج أصل النكاح ; لأن القاضي كذبه في إنكاره بالحجة ، والمكذب في زعمه بقضاء القاضي لا يبقى لزعمه عبرة ، وهنا القاضي ما كذبه في زعمه بالحجة ولكنه رجح قولها [ ص: 37 ] للمعنى الذي قلنا فبقي زعمه معتبرا في حقه فلهذا فرق بينهما .

( قال : ) وكذلك لو قال : تزوجتها ولها زوج أو هي معتدة من غيري أو هي مجوسية أو أختها عندي أو هي أمة تزوجتها بغير إذن مولاها ; لأن هذه الموانع كلها معنى في محل العقد ، والمحال في حكم الشروط فكان هذا واختلافهما في الشهود سواء على ما بينا ، وهذا بخلاف ما إذا ادعى أحدهما أن النكاح كان في صغره بمباشرته ; لأنه ينكر أصل العقد هنا فإن الصغير ليس بأهل لمباشرة النكاح بنفسه فإضافة العقد إلى حالة معهودة تنافي الأهلية يكون إنكارا لأصل العقد كما لو قال : تزوجتك قبل أن تخلقي أو قبل أن أخلق ، وإذا كان القول قول المنكر منهما فلا مهر لها عليه إن لم يكن دخل بها قبل الإدراك ، وإن كان دخل بها قبل الإدراك فلها الأقل من المسمى ، ومن مهر المثل ; لوجود الدخول بحكم النكاح الموقوف فإن عقد الصغير يتوقف على إجازة وليه إذا كان الولي يملك مباشرته ، وإن كان الدخول بعد الإدراك فهذا رضا بذلك النكاح ، وبعد الإدراك لو أجاز العقد الذي عقده في حالة الصغر جاز كما لو أجاز وليه قبل إدراكه فكذلك بدخوله بها يصير مجيزا

التالي السابق


الخدمات العلمية