الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولا رضاع بعد الفصال بلغنا ذلك عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما ، وهكذا رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا رضاع بعد الفصال ، ولا يتم بعد الحلم ، ولا صمات يوم إلى الليل ، ولا وصال في صيام ، ولا طلاق قبل النكاح ، ولا عتق قبل الملك ، ولا وفاء في نذر في معصية ، ولا يمين في قطيعة رحم ، ولا تغرب بعد الهجرة ، ولا هجرة بعد الفتح } والكلام هنا في فصول أحدها أن الحرمة لا تثبت بإرضاع الكبير عندنا ، وعلى قول بعض الناس تثبت الحرمة لحديث { سهلة امرأة أبي حذيفة رضي الله عنهما ، فإنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما انتسخ حكم التبني بقوله تعالى : { ادعوهم لآبائهم } فقالت : يا رسول الله إن أبا حذيفة تبنى سالما فكنا نعده ولدا له ، وإن لنا بيتا واحدا فماذا ترى في شأنه } وفي رواية { وإنه يدخل علي وأنا أرى الكراهة في وجه أبي حذيفة رضي الله عنه ، فقال صلى الله عليه وسلم : أرضعي سالما خمسا تحرمين بها عليه } وبهذا الحديث أخذت عائشة رضي الله عنها حتى كان إذا أراد أن يدخل عليها أحد من الرجال أمرت أختها أم كلثوم رضي الله عنها أو بعض بنات أختها أن ترضعه خمسا ، ثم كان يدخل عليها إلا أن غيرها من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يأبين ذلك ويقلن لا نرى هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رخصة لسهلة خاصة ، ثم هذا الحكم انتسخ بقوله صلى الله عليه وسلم : { الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم } وذلك في الكبير لا يحصل ، وقال صلى الله عليه وسلم : { الرضاعة من المجاعة } يعني ما يرد الجوع ، وذلك بإرضاع الكبير لا يحصل ، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : { الرضاع ما فتق الأمعاء وكان قبل الطعام } والصحابة رضي الله عنهم [ ص: 136 ] اتفقوا على هذا ، فقد ذكر في الكتاب عن علي وابن مسعود رضي الله عنهم قالا : لا رضاع بعد الفصال ، وروي أن أعرابيا ولدت امرأته ومات الولد فانتفخ ثديها من اللبن فجعل يمصه ويمج ، فدخل بعض اللبن في حلقه فجاء إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وسأله عن ذلك ، فقال : حرمت عليك ، فجاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه وسأله عن ذلك فقال : هي حلال لك ، فأخبره بفتوى أبي موسى فقام معه إلى أبي موسى ثم أخذ بأذنه وهو يقول : أرضيع فيكم هذا للحياني ، فقال أبو موسى رضي الله عنه لا تسألوني عن شيء مادام هذا الحبر بين أظهركم وجاء رجل إلى عمر رضي الله عنه فقال : إن لي جارية فأرضعتها امرأتي فدخلت البيت فقالت : خذها دونك فقد والله أرضعتها ، فقال عمر رضي الله تعالى عنه عزمت عليك أن تأتي امرأتك فتضربها ثم تأتي جاريتك فتطأها ، وروي نحو هذا عن ابن عمر رضي الله عنهما فثبت بهذه الآثار انتساخ حكم إرضاع الكبير

التالي السابق


الخدمات العلمية