الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم كفل بها عنه رجل بأمره أو بغير أمره ثم مات الطالب والمطلوب وارثه لم يكن له على الكفيل شيء ; لأن المطلوب ملك ما في ذمته بالميراث فسقط عنه وبراءته توجب براءة الكفيل فإن كان معه وارث آخر للطالب فإنما يسقط عن الكفيل حصة المطلوب ولوارث الآخر أن يطالب الكفيل بحصته ; لأنه في حصته قائم مقام الطالب وإنما يبرأ الكفيل من كل شيء يبرأ به الأصيل ولو كان احتال بها عليه فكفل بها على أن أبرأ الطالب المطلوب ثم مات الطالب والمطلوب وارثه وكانت الحوالة بأمره ; لم يكن على الكفيل شيء ; لأن المال صار مملوكا للمطلوب بموت الطالب فلو رجع به على الكفيل والمحتال عليه بذلك أيضا ; لأن الحوالة والكفالة كانت فاسدة فلا يكون مقيدا بقضاء فإن كان بغير أمره رجع بها على المحتال عليه أو الكفيل ; لأنه قائم مقام الطالب بعد موته . وهذا رجوع مفيد فإن الكفيل والمحتال عليه إن كانا متطوعين هنا لا يستوجبان الرجوع عند الأداء على أحد بشيء وهذا بخلاف الأول فإن أصل المال هناك في ذمة المطلوب فهو إنما يملك بالإرث ما في ذمة نفسه فسقط عنه ولا يرجع الكفيل بشيء سواء كفل بأمره أو بغير أمره . وهنا أصل المال تحول إلى المحتال عليه فالأصيل إنما يملك ما في ذمة غيره فيكون له أن يطالبه به إذا كان دينا مفيدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية