الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو كفل رجل عن رجل بألف درهم إلى سنة ثم إن الكفيل باع الطالب بها عبدا قبل الأجل وسلمه إليه فاستحق العبد ; فالمال على الكفيل إلى أجله بمنزلة ما لو كانت هذه المعاملة للطالب مع الأصيل وهذا ; لأن الأجل إنما سقط حكما للعقد وقد انتقض العقد من الأصيل باستحقاق العبد فكان المال عليه إلى أجله ، وكذلك لو رده المشتري بعيب بقضاء قاض ; لأن الرد بالعيب بقضاء القاضي فسخ للعقد من الأصل ولو رد بغير قضاء قاض ولم يسم أجلا فالمال حال على الكفيل ; لأن هذا بمنزلة الإقالة بمنزلة العقد الجديد فإنها تعتمد التراضي إلا أنها جعلت فسخا فيما بين المتعاقدين فيما هو من أحكام العقد الذي جرى بينهما والأجل ليس من ذلك في شيء فكان في حكم الأجل هذا بمنزلة عقد مبتدإ ، فلا يثبت الأجل في بدله إلا بالشرط ولو كان قضاه الألف معجلة نبهرجة فوجدها ستوقة فردها عليه كان المال عليه إلى أجله ; لأنه تبين أنه ما صار قابضا لدينه .

وسقوط الأجل من حكم قبضه فإذا لم يصر قابضا كان المال مؤجلا عليه ، وكذلك إن وجدها زيوفا فردها بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض ; لأن الرد بعيب الزيافة فسخ للقبض من الأصل . بدليل أن الراد ينفرد به وأن يرجع بموجب العقد ، والعقد لا يوجب التسليم مرتين . فلو لم ينتقض القبض من الأصل ; ما كان له أن يرجع بموجب العقد وهذا لأن الزيوف غير الجياد التي هي دين في الذمة فالمقبوض إنما يكون حقا له على أن يتجوز به . فإذا لم يتجوز به ورده عرف أن المقبوض لم يكن حقا له . وسقوط الأجل كان باعتبار أنه قبض حقه فإذا انعدم ذلك بقي الأجل كما كان ، وإن كان حين أعطاه المال أعلمه أنها زيوف فهو جائز ; لأنه تجوز [ ص: 70 ] بدون حقه فيصير الكفيل به قابضا دينه ولا يجعل هذا مبادلة للأجل بالصفة ; لأنه كان من غير شرط بينهما وإنما تتحقق المبادلة إذا كان شرط ، ثم يرجع الكفيل على الأصيل بالجياد ; لأنه بالكفالة استوجب ذلك عليه .

ولو أن الكفيل أحاله بالمال على رجل إلى أجل أو حال ، فمات المحتال عليه مفلسا رجع المال على الكفيل إلى أجله ; لأن الحوالة تنفسخ بموت المحتال عليه مفلسا على ما بيناه ، فإنما يعود الحكم الذي كان قبل الحوالة ، وهو أن المال عليه إلى أجله .

التالي السابق


الخدمات العلمية