الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كفل العبد وهو صبي بغير إذن سيده بنفس أو مال ثم عتق لم يلزمه من ذلك شيء ; لأنه غير مخاطب . والتزامه في حق نفسه غير صحيح .

( ألا ترى ) أنه لو كفل بعد ما عتق وهو صبي لم يلزمه بذلك شيء فكذلك قبله ، وإن كان كفل بإذن سيده فهو جائز عليه في [ ص: 15 ] الرق وبعد العتق لما بينا أن إذن السيد في الكفالة بمنزلة إقراره عليه بالدين وذلك صحيح عليه في الرق وبعد العتق فكذلك هذا . وهذا لأن للمولى قولا ملزما على عبده . وقوله على عبده ألزم من قول الأب على ولده ثم كل دين وجب على الولد باعتبار إذن والده كديون التجارة يكون الوالد مؤاخذا به بعد البلوغ فكذلك ما يجب على العبد بإذن السيد يكون مؤاخذا به بعد العتق وإن كفل بإذن سيده بدين يستغرق قيمته ثم كفل بدين آخر يستغرق قيمته بإذنه أيضا ; لم يجز الدين الثاني ; لأن شرط صحة هذا الالتزام فراغ المالية . فما لم يقض بالأول ; لا يصير هذا الشرط موجودا فلا يثبت الثاني ، وهو بمنزلة ما لو أقر السيد عليه بدين مستغرق قيمته ثم بدين آخر ، وكذلك إن كان الدين الأول من تجارته ، وإن عتق قبل إن يقضي دينه ; لزمه الثاني ; لأن المانع كان اشتغال المالية بحق الأول وقد زال ذلك المعنى ببطلان المالية بالعتق فاستوت الديون عليه بعد العتق ، وإن كان مولى العبد صبيا ، فأذن هو أو أبوه ، أو وصيه للعبد في الكفالة لم يجز . أما الصبي فلأنه لا يملك مباشرة الكفالة فكذلك لا يأذن فيه لعبده . وليس للأب ولاية الكفالة على الصبي ولا في ماله .

( ألا ترى ) أنهم لو أذنوا للصبي حتى كفل ; لم يصح فكذلك إذا أذنوا فيه لعبد الصبي ، وكذلك إن كان مولاه عبدا تاجرا ; لأنه لا يملك الكفالة بنفسه فلا يصح إذنه بذلك لعبده

التالي السابق


الخدمات العلمية